أسال منذ يومين مضت الخروج الإعلامي لبنكيران، وحديثه عن تقاعده الإستثنائي، مداد العديد من الأقلام الصحفية، وأطلق العنان لعدد من المحللين والمهتمين بالشأن السياسي المغربي. وفي هذا الحوار يحلل إدريس بنيعقوب، الباحث في العلوم السياسية بكلية الحقوق أكدال، الأسس التي يستند عليها تقاعد بنكيران، و التي حددها (بنيعقوب) في ثلاثة مستويات.
كيف تقرؤون خروج بنكيران و الحديث عن تقاعده الاستثنائي ؟
يمكن أن نقول بأن بنكيران أصبح ضحية تصريحاته السابقة عن رفض الريع وضرورة مراجعة تقاعد البرلمانيين والوزراء، وبالتالي أرى أن سبب خروج بنكيران لتوضيح أموره الخاصة وحصوله على تقاعد استثنائي. أراد من خلاله تحرير نفسه أخلاقيا من قاعدة طوق بها نفسه (أخلاقيا) أمام مريديه داخل الحزب وداخل الحركة الإسلامية ككل وأراد تبرير ذمته وأنه لا حول ولا قوة له أمام هبة ملكية لا يمكن رفضها. إذن استعمل بنكيران منطقا تبريريا قويا لدفع تهمة الريع عن نفسه لكنه وقع في تناقض مع مواقفه السابقة.
في نظركم ماهي الرسالة التي وجهها بنكيران للمغاربة ؟
إذا سلمنا بأن رئيس الحكومة السابق لا يتوفر على مدخول يقيه مفاجآت الحياة ومصاريفها، فهذا يوضح أن بنكيران عبر بشكل واضح عن فشله في تدبير حياته المادية وأنه كان دائما عالة على الآخرين وبالتالي أعطى للمغاربة حقيقة بروفايل السياسي الإسلامي الذي لم ينجح في توفير مصاريف حياته ولم يحسن التصرف في عمره من ناحية كفاية احتياجاته فكيف يمكنه أن يدبر حياة الآخرين وكيف يمكنه أن يوجه المغاربة إلى العيش بكرامة؟
وأضيف هنا أن (بنكيران ) كشف عن الشخصية السياسية التي أفلست وفشلت في توفير معاشها، و بالتالي لايمكن أن يثق فيها المغاربة لصيانة مواردهم وحياتهم المادية والاقتصادية شأنه في ذلك شأن الشخص المقامر الذي أفلس وأصبح يلتمس الصدقة والرأفة من الآخرين بعد فوات العمر.
ماهي رمزية منح تقاعد استثنائي لبنكيران ؟
إن تدخل الملك جاء لاسعاف بنكيران اجتماعيا وحفظ صورة البلاد من أي “شوهة” قد يضع بنكيران فيها المغرب باستعطافه الاخرين من أجل مورد حياة.
واذا أردنا تعميق محاكمة بنكيران من خلال المرجعية الإسلامية فإن القرآن تحدث عن ضرورة توفير الإطعام والأمن لكمال الحياة وكمال الدولة كما تبين ذلك الآية الكريمة، “أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”، وبما أن بنكيران الذي ادعى طول حياته السياسية أنه ممتثل للمرجعية القرآنية ومميزا نفسه عن الآخرين فقد تبين أن الذي يسهر على الإطعام والأمن هو الملك، ومن هنا نتساءل أي الناس أكثر تشبثا بقواعد بناء الدولة من وجهة نظر قرآنية الملك أم الآخرين ؟
وأشير هنا إلى أن الملك ظل محافظا على قيم إمارة المؤمنين ولايمكن أن يصله أن شخصا كيفما كان نوعه اشتغل مع الدولة وأصبح معطوبا لايقوى على الحياة بكرامة. تدخل الملك نابع من هذه القيمة فإذا فشل الإخوان في مساعدة اخيهم بنكيران في توفير متطلبات الحياة فلابد أن يصون الملك كرامة الذين مروا من مختلف بوابات خدمة البلاد.
وجدير بالذكر ان خرجة بنكيران الإعلامية التي تحدث من خلالها عن تقاعده الاستثنائي، قد لقيت انتقادا من طرف العديد من المواطنين، بحيث ذكروه بفيديو قديم له بقبة البرلمان، حيث انتقد بشدة تقاعد الوزراء و البرلمانيين، كما أشار إلى قصة عمر بن الخطاب مع الجوع.
الجيلالي الطويل