عتقد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعزول وزعيم الولاية الثالثة في العدالة والتنمية، أن ذاكرة المغاربة فقيرة لغاية أنه يقول الكلام ونقيضه. طبعا هو يخاطب جيل الفيسبوك، وهو محق في ضعف التدقيق والتحقيق، ولكن رغم ذلك يوجد في المغرب من يقول لبنكيران هذا حق وهذا باطل وكفى كذبا. يتحدث بنكيران اليوم عن زيارة "السي فؤاد" الذي أخبره بأن جلالة الملك خصص له تقاعدا استثنائيا.
بداية يستغل بنكيران أنه لا أحد يمكن أن يرد عليه من القصر لهذا يمارس الكذب دون حياء. مصادر من وزارة المالية تقول إنه وقع الأوراق الخاصة بالتقاعد وفق المسطرة العادية، التي تمر أوتوماتيكيا وأن تقاعده عادي وليس استثنائيا.
ما الذي تحول في ملكوت الله حتى غير بنكيران كلامه؟
ذاكرة المغاربة تحتفظ ببعض ما قاله بنكيران وهو مدون أو مسجل على أشرطة وموجود على شبكة الأنترنيت.
كان بنكيران يصف محيط الملك بالتماسيح والعفاريت والتحكم. وكان يقول "خليوني مني لسيدنا"، رافضا حسب زعمه الحديث إلى أي من مستشاري الملك. ومن هذا المحيط الذي كان في قاموس بنكيران مجرد تماسيح وعفاريت وتحكم يوجد فؤاد عالي الهمة، الذي يزعم بنكيران أنه زاره ليبشره بالتقاعد الاستثنائي الوهمي.
من يعرف بنكيران يتأكد من أنه لم يراجع خطابه وإنما يستعد لمرحلة جديدة. طموحاته لا حدود لها بتاتا. يوم تم تأسيس "الجماعة الإسلامية" تحفظ عليه بعض الإسلاميين فخرج من القيادة، وناور لمدة أربع سنوات فعاد رئيسا للحركة بعد أن كان خارج مكتبها التنفيذي. وبعد تأسيس التوحيد والإصلاح، تحفظ كثير من الإخوان عليه، فابتعد عن القيادة لكن عاد أمينا عاما للحزب في ظروف استثنائية وهبته رئاسة الحكومة.
بنكيران لا يمل، وعندما ظن تيار الوزراء أنهم قتلوه ما زال هو يناور لما بعد 2021. يخطط للعودة، وتغيير اللغة والأسلوب هو جزء من المعركة. الزعيم يريد أن ينهي معاركه في الجانب الآخر حتى يتفرغ للمعركة داخل الحزب. والهدنة مع التماسيح والعفاريت والتحكم هي جزء من خطة الحرب. لا يقبل بنكيران أن يتخلى عنه إخوانه وهو الذي أوصلهم إلى كل هذا النعيم. يعتبر ذلك خيانة منهم ولهذا سيسعى إلى طحنهم.
ومن وسائل بنكيران في معاركه خلط الأوراق، وإمعانا في تبخيس المؤسسات إقحام المؤسسة الملكية في صراعاته الدونكيشوتية لأنه يعرف أنه لا أحد سيرد عليه، ومن هذه الناحية هو مطمئن لما يقوله عن الملك كان حقا أو باطلا.
رجل مثل بنكيران لن يكون في حاجة إلى تقاعد وهو من الأثرياء. يملك سلسلة مدارس بالرباط وسلا ويقطن فيلا بحي الليمون ويتوفر على شركة حائزة حصريا على استيراد المواد التي بواسطتها يتم تجهيز المختبرات العلمية التابعة لوزارة التعليم. وكل هذا الزعم هو كذب وهراء يهدف من ورائه إلى إقناع أتباعه.