على خطى ابن عم الملك هشام العلوي الذي كان يحلم بثورة “الكمون”، صنع حسن أوريد بدوره ثورات جديدة في مصنع دماغه، حيث يتصور أن كل شئ آيل للسقوط والفشل، وأن الثورات قادمة لا محالة، وكأن هشام العلوي وحسن أوريد يسعيان للاستثمار في بيع التوابل.
ففي كتابه الذي صدر مؤخرا أظهر حسن أوريد كفاءة كبيرة في التشاؤم والسوداوية إلى درجة أنه رأى أن المواطنين مجرد مجانين، وأن المغرب ما هو إلا مستشفى للمجانين.
أوريد الذي ظل يحني الرأس ويتمتع في نعم الريع والامتيازات، ويقبل الأيادي تقبيلا من كل جانب، انسلخ من جلبابه ليتنكر لحقيقته ولماضيه، ويرمي بسهامه المسمومة إلى الهوية المغربية، والتاريخ المشرف لهذا البلد الأمين.
وبأسلوب ديكارتي مليء بالشك اجتذب أوريد ممحاته من مقلمة الأدوات، ومحا بها كل ما يفتخر به المغرب من ثقافة، ولغة، وفكر، وتاريخ وهوية. بل تجرأ على التشكيك في كل الجهود التي بذلها المغرب من أجل بناء المغرب الحديث، فالديموقراطية ملغمة، والحكامة وهم، والإصلاحات مجرد أحلام.
إن أحلام حسن أوريد في قيام ثورة بالمغرب تشبه إلى حد كبير أحلام حركة العدل والإحسان، في نظرية “القومة” أو تفاهات الأمير هشام العلوي في “ثورة الكمون”، وهي أحلام تم بناؤها داخل قصور من رمال، بشكل يشبه التنبؤات التافهة لمن قالوا يوما إن آخر الملوك في المغرب هو محمد السادس.
قد تكون بعض أفكار أوريد معقولة إلى حد ما، لكنها تصدر عن شخص فقد مصداقيته بسبب تصرفاته، وادعاءاته، وترهاته. وفي التاريخ الإسلامي الذي نصدقه يروى أن عمر بن الخطاب صادف في طريقه شخصا يتمايل من شدة ما تناوله من خمرة ويذكر اسم الله، فقال له عمر رضي الله عنه ما معناه :”كلام طيب يصدر عن فم خبيث”.
وحتى لا نطيل الكلام في التطرق إلى سفسطيات أوريد، لأنها لا تستحق كل هذا الاهتمام، نذكره ببعض ما قاله أبو الطيب المتنبي الذي خصص له روايته الأخيرة:
ذو العقلِ يشقى في النعيمِ بعقلِهِ *** وأخو الجهالةِ في الشقاوةِ ينعَمُ
والمتنبي هو نفسه القائل:
ما كُنْتُ أحسبُني أحيا إلى زمنٍ *** يُسيئُ بي فيهِ كلُبٌ وهُوَ محمودُ!
لا تشترِِ العبدَ إلا والعصا معَهُ *** إن العبيدَ لأنجاسٌ مناكيدُ!
وأخيرا فالمتنبي يا حسن هو من قال:
إني نزلْتُ بكذابينَ ضيفُهُمُ *** عن القِرَى وعن الترحالِ محدودُ
جودُ الرجالِ من الأيدي و جودُهُم *** من اللسانِ فلا كانوا ولا الجودُ
ما يقبضُ الموتُ نفسًا من نفوسِهِمُ *** إلا وفي يدِه من نتْنِها عودُ!
برلمان كوم