يبدو أن حسن أوريد، الذي نزع عنه “جلابة وطربوش” المخزن، بعدما امتلأت أوداجه بفضل الخيرات والثروات الطائلة التي جمعها خلال تقلده مناصب داخل المربع الملكي والشطط في استعمال السلطة واستغلال النفوذ، يريد اليوم، من خلال روايته “رباط المتنبي” أن يتحول إلى معارض ثوري، ويوجه انتقادات مبطنة للنظام سالكا في ذلك ما يسميه المغاربة “التقلاز من تحت الجلابة” بعدما حاول الاختباء وراء أبيات شعرية للمتنبي واللجوء إلى أسلوب التمويه لنفث سمومه وحقده الدفين للوطن.
إن اختيار أوريد للمتنبي، الذي لطالما عرف عنه ارتباطه بالسلطة في العصر العباسي، عصر الانحلال الأخلاقي والمجون والخمر والتغني بالغلمان، وتملقه للكبار، ليس محض صدفة، فكلاهما سيان، يمدح عند تقربه من الحاكم ويهجو عند الاستغناء عنه. أوريد اقتلع نفسه من جذوره ليسبح في فراغ وجودي، ينافق نفسه من خلال مغازلته للحركة الأمازيغية تارة، ويغازل تارة التظيمات اليسارية والحداثية، وتارة أخرى يتقرب من الإسلاميين، ما يؤكد أن الرجل بالفعل فقد بوصلته، فلا هو بالمفكر الذي يحرص على أن تظل مواقفه ثابتة ورصينة ولا هو بالسياسي الذي يحدد مساره بدقة.
فكيف لشخص مثل حسن أوريد، الذي لقبه أحد الفنانين بحسن “أويد” (اعطيني بالأمازيغية)، في إشارة إلى شغفه ب”الإكراميات”، أن يحاول تقمص دور المعارض “النزيه” ويعطي الدروس في القطع مع اقتصاد الريع والفساد السياسي والمالي وهو الذي كان ينعم فيه لسنين طويلة، وله أن يتفقد نفسه في المرآة ليرى حجمه مقارنة مع رجالات الدولة الأفداد مثل عبد الرحمان اليوسفي الذي قضى دهرا في المعارضة، وخدم بلاده في شيخوخته، وغادر المسؤولية شامخا،وهو لم يراكم ثروة ولم يسطو على عقارات ولم يفوت صفقات إلى الأقربين والمقربين.
برلمان كوم