كلما تخيلنا أن الإعلام الاسباني عاد إلى حكمته، وابتعد عن ضلاله، الا وتبين لنا أننا مخطئون، وأن ما أصاب صحف هذا البلد، هو بدون شك مرض مزمن لا ينفع معه علاج.
فمع اقتراب زيارة الملك الإسباني إلى المغرب، وهي زيارة ثاق إليها العاهل الاسباني كثيرا، قبل ان تتحقق على أرض الواقع، صوبت بعض المنابر الاسبانية، خاصة “الباييس” وقناة “TVE”، مدفعيتها الى المملكة المغربية، موجهة اليها اتهامات باطلة، بنشرها لمقالات و ربورطاجات مزيفة ومغلوطة، ومشكوك في صحتها، وفيمن يقف وراءها.
والحقيقة التي لا يأتيها الباطل من أي جانب، أن الكثير من صحف اسبانيا، كانت تتسلى منذ سنين في التنقيب على السيئات وتجتهد بشكل مبالغ فيه في إخفاء حسنات المملكة المغربية، التي لا يرى فيها إعلام الدولة الصديقة إلا النصف الفارغ من الكأس.
فالإعلام الإسباني، ومنذ زمن بعيد، اعتاد على السباحة في بركة الضفادع المتسخة، والخوض في الشؤون الداخلية للمغرب، والنبش في الذاكرة البعيدة، والتضامن مع كل جاحد للنعمة، او عاق عن وطنه، أو جاني على غيره، بما يجعله سجينا للحق العام. بينما ينأى إعلامنا عن الخوض في تفاهات اسبانيا، وحماقاتها، وأخطائها التي لا تحصى ولا تعد.
نعم، نأى الاعلام المغربي بنفسه عن الخوض في الفضائح الجنسية والمالية التي هزت القصر الاسباني، ولم يكلف الإعلام المغربي نفسه في النبش في فضيحة الأميرة كريستينا وزوجها المتهمين في ملفات فساد، ولم يجند نفسه لإرسال صحفيين الى جزر “البليار” قصد التحقيق في فضيحة “بالمارينا” ولم يحمل حاسباته كي يدقق في صفقة الرشوة الشهيرة التي كلفت خزينة الدولة الاسبانية مليونان وثلاثمائة ألف أورو دفعت إلى معهد نوس، ولم يجعل عناوينه الكبرى و”مانشيتاته” العريضة هي قضايا الفساد، والاختلاس، والاحتيال، وغسيل الأموال، والتهرب من الضرائب التي أزكمت روائحها مطبخ الحكومة والقصر الاسبانيين. بل و في أوج أزمة كاتالونيا، ساند المغاربة وحدة المملكة الاسبانية و لم يصبوا الزيت فوق النار… واللائحة طويلة لأن كل يوم تشرق فيه الشمس على العاصمة مدريد، إلا وتلقي فيه بأشعتها على فضيحة جديدة.
الإعلام المغربي مشغول بشؤونه الداخلية، فلماذا لا يهتم الإعلام الاسباني بهموم بلده؟ ولماذا لم يراجع نفسه وظل يختلق الاكاذيب في حق المغرب؟ ولماذا ظل يترصد المناسبات الوطنية كعيد العرش، ليجعلها محورا للتطاول والكذب على ملك المغرب، ووحدة البلاد الترابية؟ ولماذا يتجاهل جهود المغرب في حماية إسبانيا من الإرهاب، والهجرة، والتهريب، وغير ذلك؟
كل هذه الاسئلة وغيرها يغفلها الاعلام الاسباني ولكن الحقيقة الساطعة التي يعرفها الجميع أن اسبانيا التي كانت في يوم من الأيام مستعمرة لجزء هام من الأراضي المغربية، أكلت غلاتها، ونهبت خيراتها، ولم تساعد على تنميتها،وهي تظن أننا طوينا هذه الصفحة، خاصة وأن لنا أراضي ومدن لا زالت تئن تحت أقدام احتلالها، في عهد يسعى فيه العالم لطي صفحات الاستعمار أينما كانت. مباشرة بعد إعلان زيارة العاهل الإسباني للمغرب، قامت بعض المنابر الايبيرية بقصف المغرب و مؤسساته، عِوَض نشر مقالات و تحاليل حول العلاقات الثنائية و مستقبلها. فهل المقصود هو إفشال الزيارة؟ و من يقف وراء هذه المحاولة؟