سبق ونشرنا على صفحات هذا الموقع عدة مقالات نحذر فيها من عقابيل تساهل المخزن مع أنشطة جماعات الاسلام السياسي الملتفحة بالدعوة، ولا زلنا نلح على ضرورة إصدار قانون يوجب انضواء هذه الحركات التي تتكلم بالنيابة عن الله تحت لواء وزارة الأوقاف بما فيها الجماعتين المشبوهتين التوحيد والإصلاح والعدل والاحسان، فلا يعقل أن يترك الحبل على الغارب لهذه الكيانات الموازية التي تتلاعب بعقول العامة وتستعديها أمن المجتمع وتهدد بخطابها العنصري والتكريهي قطاعات معينة تعد حيوية وأساسية في الاقتصاد المغربي، وتوفر بيئة خصبة لنمو الافكار المتطرفة والتصورات الظلامية المنحرفة بين الشباب وتكرس خطاب الكراهية والعنف ونبذ الاختلاف.
فاعتبارا للأمن القومي للملكة، وفِي ظل استغلال مغرض لمبادئ الدين الاسلامي وتأويل نصوصه لصالح ايديولوجيا لا تخفي مراميها المعادية للدولة الوطنية والنظام المدني، والمتطلعة إلى عقد تحالفات سياسية كبرى مع شركاء لها في المشرق العربي لإقامة مشروع يقوم على تثوير الشعوب و استغلال الأزمات الاقتصادية لتقويض الاستقرار، والنزوع بالبلاد إلى حال من الهرج والمرج الذي يَصب في مصلحة قوى الظلام التي تكون على أتم استعداد لحمل السلاح وخوض حروبها المقدسة ضد الوطن والمواطن.
وإذا كانت الدولة تمنع استغلال الدين في العمل السياسي، وتمنع قيام أحزاب على أساس ديني؛ فإنه لا معنى لهذا الحظر إذا كانت بعض الأحزاب لها قنوات في الخلفية تستقطب الحصيص من خلال أذرعها الدعوية.
فلا يوجد حزب سياسي في المغرب يمارس هذا اللون من الابتزاز والاستغلال المفضوح باستثناء حزب العدالة والتنمية. ومن هنا، فمادام الدّين عنصرا مشتركا بين المغاربة فلا يجوز أن ينفرد حزب أو جماعة بتأويله أو الزعم بامتلاك مفاتيحه، وينبغي أن يبقى الشأن الديني حكرا على وزارة الأوقاف، حفظا للأمن الروحي العام، دون غيرها من الكيانات التكفيرية الموازية التي تتلقى تمويلات هائلة من الخارج خدمة لأورثوذكسيات محافظة وكارهة لأي تطور حداثي وتقدم صناعي وعلمي تشهده البلاد، ومعادية للحركة التجديدية لأسلوب الحياة في المجتمع التي هي حركة خلاقة ومن طبيعة المجتمعات الحية والطموحة إلى الالتحاق بركب العالم الحديث، المتخَفّفة من أسمال التقليد والتبعية لمشيخات نبتت في سبعينات القرن الماضي على تخوم الحضارة.
طه لمخير