عبد الكبير اخشيشن.
«العيد» عند أهالينا في الأقاليم الجنوبية وجيرانهم يعرف من ليلة «الفضيلة»، ولذلك عمت موجة تعليقات ساخرة مباشرة بعد خطاب زعيم البوليساريو يوم الثلاثاء الماضي، الذي يحذر فيه «سيادة رئيس الجمهورية الصحراوية العظمى» مما أسمته وكالة الأنباء الجزائرية، نقلا عن صنيعتها وكالة الأنباء الصحراوية، مناورات ستستهدف تمرير اتفاق الصيد البحري مع المغرب، وكأن الأمر يتعلق بتكتيك تعطيل الاتفاق عبر الضغط على الاتحاد الأوروبي.
الذين تابعوا هذا الخطاب فتشوا في تاريخ إلقائه، وتبين أن الرجل يتحدث بعد ثلاثة أيام من توقيع كل من المغرب والاتحاد الأوروبي على اتفاق الصيد بشكل رسمي عبر الجهات المفوضة لذلك، ليحذر من مناورات ستستهدف تمرير هذا الاتفاق، وشبهوا حالته بحالة أهل الكهف، ولو أنه كان يحتج من منصة وضعت على عجل لاحتواء إعصار كان في الطريق.
وكالة الأنباء الجزائرية، التي لم تنبه وكالة البوليساريو لهذه الفضيحة، ونقلت أن ما يسمى بـ«رئيس الجمهورية، الأمين العام لجبهة البوليساريو إبراهيم غالي، عبر عن إدانته للمساعي التي تتم على مستوى الاتحاد الأوروبي وتقف وراءها بعض الدول الأوروبية لتمرير اتفاق يجمع الاتحاد الأروبي والمملكة المغربية ويشمل الأجزاء المحتلة من الصحراء الغربية».
وأضافت الوكالتان أن «الرئيس إبراهيم غالي»، وفي كلمته خلال إشرافه على تنصيب ما يسمى بـ«أعضاء اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الإنسان»، أكد «أنه وفي الوقت الذي نلح فيه على تدخل الأمم المتحدة لحماية حقوق وثروات شعبنا، فإننا ندين المساعي التي تتم على مستوى مفوضية الاتحاد الأوروبي، وتقف وراءها خاصة فرنسا وإسبانيا، لتمرير اتفاق يجمع الاتحاد مع المملكة المغربية ويشمل الأجزاء المحتلة من الصحراء الغربية».
وحسب نفس المصدر، اعتبر زعيم البوليساريو أن هذه السلوكات «تمثل عملا مشينا، لا قانونيا ولا أخلاقيا، ينتهك بشكل صريح وفاضح القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الأوروبي، وخاصة قرارات محكمة العدل الأوروبية».
وحاول الرجل الاستعانة بماضي انتهى ليستحضر قصة المحكمة الأوروبية، ليقول «فهذه المحكمة خلصت، بلا لبس ولا غموض، إلى أنه لا سيادة للمغرب على الصحراء الغربية، وأن هذه الأخيرة بلد منفصل ومتميز عن المملكة المغربية، وأنه لا شرعية لأي استغلال لثروات الصحراء الغربية، برا وبحرا، أو لمجالها الجوي، إلا بموافقة الشعب الصحراوي، عبر ممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو».
الغريب في الأمر أن لا الوكالتين ولا الذين كانوا إلى جنب الرجل وهو يتحدث نافخا ريشه، لم يبلغوه بما حدث قبل يوم من خطابه، والمتمثل في توقيع هذا الاتفاق في آخر مرحلة قبل تبنيه من قبل البرلمان الأوروبي، والذي يغطي منطقة الصيد التي تمتد من خط العرض 35 إلى خط العرض 22، أي من كاب سبارطيل شمال المغرب إلى غاية الرأس الأبيض بجنوب المملكة، بين فؤاد يازوغ، السفير، المدير العام للعلاقات الثنائية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، وسفير رومانيا أودوبيسكو لومينيتا تيودورا، باسم الرئاسة الرومانية للاتحاد الأوروبي، وكذا أغيرا ماشادو جواو، المدير العام للشؤون البحرية بالمفوضية الأوروبية، بحضور، على الخصوص، زكية دريوش، الكاتبة العامة لقطاع الصيد البحري.
احتجاجات زعيم البوليساريو التائهة كانت تروم تفادي سكرات اتفاق فلاحي كان في الطريق، ولأنه كان ينتظر نتائج تحرك الجزائر بقوة في ردهات البرلمان الأوروبي بستراسبورغ، حيث دفعت لوبيها إلى وضع مقترح لدى رئيس البرلمان الأوروبي يطالبون من خلاله بـ«اتخاذ الإجراءات الضرورية قصد الحصول على رأي من محكمة العدل الأوروبية حول مشروع الاتفاق الزراعي قبل مرحلة التصويت النهائية»، فقد كان يتحدث بلا بوصلة.
وبعد انتعاشة طفيفة من الصفعتين، سارعت البوليساريو إلى رفع تحد شارد، تقول فيه إنها ستواصل استعمال كل السبل لمواجهة هذا الاتفاق الذي تراه «غير قانوني»، مشددة على أنها «ستطلق تحديا قانونيا فوريا لهذه الاتفاقية»، في الوقت الذي كانت فيه فيديريكا موغريني، ممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، تقول من الرباط إن «الشراكة المغربية الأوروبية صامدة أمام كل الضربات، وستواجه كل من يريد أن يخلق أزمة بين المملكة والاتحاد».