هل تعرفون قصة الطاسة الضايعة، على كل ..للذين لا يعرفونها ،ففي عهد أحد أمراء جبل لبنان ، قام الحاكم بتوحيد المكاييل ، ووصع نظام الصاع والطاسة وما شابهها من المكاييل ،حتى تسهل مراقبة التجار ، والعودة الى مرجع متفق عليه عند نشوب الخلاف بين التاجر والمستهلك، وتم إيداع الطاسة أو الطاسات في مقر الإمارة ...المهم:
بعد فترة نشب خلاف على الطاسة التي يكال بها القمح(الصاع ، بالبدوية الفصحى) بين التجار والمواطنين ،فقرروا الاحتكام الى الطاسة المحفوظة في مبنى المحافظة ، لكنهم لم يجدوها ..فقال الناس :
- طاسة وضاعت.
دلالة على انعدام المقاييس وضياع المعايير .
المشكلة أن قصة الطاسة الضايعة تعيد انتاج نفسها بشكل دائم في الوطن العربي ، فلا نجد المعايير ولا المقاييس الحقيقية ، وتضيع الحقوق بين الأرجل, وهذا ما يحصل عندنا تماما.
انها طاسة وضايعة، لكننا نوهم انفسنا بأننا نعرف الطاسة تماما ، فنسلط غضبنا وعجزنا وحقدنا على اشخاص، وننسى المعايير ، لذلك تتحول ثوراتنا وهباتنا الى فراغ بعد اشهر ويتم تفريغها من محتواها الوطني والمطلبي.
أنا لست معجبا بالإشخاص، ولا حتى بشخصي البخيل، لكن شخصنة الأمور تضر بنا، وإذا كان لا بد لنا أن نطالب ونحارب ، فعلينا أن نطالب بحقوقنا وننتقد سياسات وليس الاشخاص. فقد يذهب الأشخاص ونشعر بالزهو والإنتصار ، لكننا بعد فترة نكتشف إننا لم نبدل سوى الطواقي والصلعات ، وهذا ما حصل معنا بعد عام 1989فقد خرجنا من السجن ونحن نعتقد أن الأمور أصبحت في مسارها الصحيح، وأن الديمقراطية عادت اكثر حيوية، لكننا بعد عام أو أعوام، عدنا الى أسوأ مما كنا عليه ، وصار القمع باسم الديمقراطية بدل أن يكون باسم العرفية، وقاتلنا من أجل برلمان يمثلنا فجاءت برلمانات تمثلهم وتبصم لهم بالهدعش ومية وليس بالعشرة فقط.
اتمنى أن نركز على السياسات والإستراتيجيات الحكومية، وألاّ نرضى بمجرد تغيير الأشخاص فقط ، وإلا سنعود الى المربع قبل الأول...ونكرر أنفسنا مثل قصة (ابريق الزيت).... أما قصة إبريق الزيت..................................!!