رفعت خلافات بين قادة البوليساريو الحجاب عن مساعدات مباشرة مقدمة من طرف الجزائر لدعم تحركات البوليساريو ضد المغرب، والسبب: تقاسم مئات الأطنان من الوقود الممنوح شهريا من طرف الجزائر.
كلفة تمويل الجزائر للبوليساريو سر من أسرار الدولة لطالما طرح العديد من التساؤلات حوله. لازلنا نتذكر خروج رئيس الوزراء الجزائري السابق في سنة 2013، بتصريح لموقع "تامورت" ذكر فيه "ان الميزانية التي تمنحها الجزائر لجبهة البوليساريو، لإزعاج المغرب لاغير، تتعدى التوقعات، لكنها تبقى سرا من أسرار الدولة".
وأضاف: "كنت رئيسًا للوزراء ولم يكن لدي أي دراية بما يجري حول هذه التمويلات المخصصة لهم خلال سنوات التسعينيات، أي خلال الأزمة المالية التي عانت منها الجزائر، لكنني على يقين أن هذه التمويلات تتجاوز ما يعتقده الجميع".
كما نتذكر كذلك أن العديد من السفراء الجزائريين قد أبدو امتعاضهم من التعويضات الهزيلة التي يتلقونها مقارنة بالرواتب السمينة التي يمنحها المسؤولون الجزائريون لما يسمى "دبلوماسيي البوليساريو". هذا دون ذكر العتاد العسكري (الدبابات والمدرعات والصواريخ بجميع أنواعها...) المقدم لميليشيات البوليساريو، والدي يكلف خزينة الجزائر الملايين من الدولارات سنويا.
إن لم يتجرأ أحد لحد الان على ذكر رقم حول الميزانية الضخمة التي تخصصها الجزائر سنويا للإبقاء على حياة البوليساريو، فقد تم الكشف عن احد هذه الأرقام مؤخرا، يتعلق الأمر بحوالي 300 طن من الوقود الممنوحة، شهريا، من طرف الجزائر لبعض الوزارات المزعومة لدى البوليساريو، هما الدفاع والداخلية.
كشف الرقم للعلن جاء نتيجة جشع وخلافات بين مسؤولين داخل البوليساريو على تقاسم الكعكة. من المعلوم ان الثلاثمئة طن الشهرية ما هي في الحقيقة إلا بقشيش تشتري به الجزائر خضوع المسؤولين الانفصاليين لمخططاتها. فـ"وزارة داخلية البوليساريو" تمنح نصيبا شهريا يقدر بـ80 طن من الوقود إضافة إلى 100 طن اخرى تتكلف بتوزيعها على سكان ما يسمونه "المناطق المحررة"، وهنا يكمن مربط الفرس لأن هؤلاء السكان لا وجود لهم على أرض الواقع بكل بساطة، إذ لا وجود لأي سكان على المناطق العازلة التي كونها المغرب والواقعة خارج الجدار الأمني بالصحراء المغربية.
فأين تذهب هذه الأطنان من الوقود إذن؟ خصوصا وأن سعره في المضخة في الجزائر هو 13.70 دينار للتر (وقود الديزل) وفقاً لجدول الأسعار المعلن في 16 يناير 2019 من قبل وزارة الطاقة.
بالنسبة لأولئك الذين ينددون بهذه الكميات الهائلة من الوقود الممنوحة لمجموعة من القادة العسكريين في البوليساريو، فإن معظم هذا الوقود يباع خارج الحدود الجزائرية، بعيداً عن الشكوك. وعندما تتم مساءلتهم عن مصير شحنات الوقود الممنوحة، يجيب هؤلاء القادة أصدقائهم الجزائريين بأنهم قد منحوه لقوافل منظمات دولية صديقة. أما بالنسبة إلى الـ120 طنا المتبقية، فهي بكل ببساطة ترسل كل شهر لمختلف محطات الخدمة التابعة لقادة البوليساريو المتواجدة بين رابوني وتندوف.
يعني أن ما يعادل 49 مليونا ومائتي الف دينار تقدمها الجزائر سنويا كدعم لحفنة من قادة البوليساريو. وعندما نضيف المنح المخصصة لابراهيم غالي وغيره من المتعاونين، يمكن فهم النزيف المهول الذي تعاني منه "سوناتراك"، الذراع المالية للجزائر، والتي يتم تخصيص جزء من إنتاجها شهريًا لجبهة البوليساريو.
لا يخفى علينا أن هذا النوع من التمويلات هو الذي جعل المغرب متأكدا من كون دولة الجزائر طرفا أساسيا في قضية الصحراء المغربية وأن البوليساريو ليست سوى دمية تحركها الجزائر. وهذا ما أكد عليه الملك محمد السادس بوضوح وبقوة في خطاب أرسله في أبريل الماضي إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، والذي ينص فيه على "أن الجزائر هي التي تمول، وأن الجزائر هي التي تحتضن، وأنها هي التي تسلح وتقدم الدعم الدبلوماسي للبوليساريو". وهذه هي الحقيقة التي لم يتغاضى عنها القرار 2440 الصادر في 31 أكتوبر 2018، والذي ذكر فيه مجلس الأمن الدولي الجزائر كطرف في قضية الصحراء للمرة الأولى.