بعض الصحافيين الفاشلين مهنيا وحياتيا، الذين يشتغلون بالقطعة في صحف ومواقع عزمي بشارة الراعي القطري لحركات الإسلام السياسي، وبسبب افتقارهم لأية مصادر مطلعة، لا هم يأتون بخبر حصري ولا هم يقفلون أفواههم ويمسكون ألسنتهم الطويلة عندما نحصل على خبر حصري ونقوم بواجبنا في نشره.
عندما نشرنا صورتين للنائبة البرلمانية أمينة ماء العينين في باريس منزوعة الحجاب، سارع هؤلاء الأغبياء إلى وصف هذا الخبر بكونه تشهيرا بالنائبة المحترمة، والحال أن الصورتين تحملان قيمة خبرية انتبهت إليها الصحافة الأجنبية لكونها تلخص تناقضات الحزب الحاكم وتكشف الفرق الشاسع بين خطاباته وممارساته.
ولو تعلق الأمر بنفاق وكذب برلمانية لاعتبرنا الأمر حادثا معزولا، لكن عندما نتأمل خطابات حزب النائبة المحترمة عندما كان في المعارضة ونقارنها بقراراته ومواقفه عندما صار في الحكم نكتشف أن النفاق عندهم عقيدة.
وقبل أسابيع قليلة استشاط إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب ورئيس المجلس الوطني للحزب، غضبا في الجلسة التشريعية التي عقدها مجلس النواب، على القانون المتعلق بالسلفات الصغيرة عندما ذكره نواب حزب الأصالة والمعاصرة بالحروب التي خاضها الفريق البرلماني للحزب ضد الفوائد الربوية للبنوك عندما كانوا في المعارضة، عندما قدم النائب البرلماني عبد الإله بنكيران، قبل أن يصبح رئيسا للحكومة، مقترحا لتعديل القانون، بحل لمعضلة الفوائد في نظام السلفات الصغيرة، مفاده أن يتم إعفاء كافة المستفيدين من السلفات الصغيرة من الفوائد المترتبة عليهم وأن تتولى الدولة، من الميزانية العامة، تحمل مجموع هذه الفوائد.
كان هذا عندما كان الحزب يعبر صحراء المعارضة، لكن عندما وصل الحزب إلى جنة الرئاسة الحكومية غض الطرف عن هذا الموضوع، بل أكثر من ذلك جاءت الحكومة بتعديل على هذا القانون، برفع سقف السلفات الصغيرة إلى 15 مليون سنتيم بدل 5 ملايين المعمول بها حاليا، وصوت الفريق البرلماني للحزب الحاكم على هذا القانون.
وأثناء فضحه من طرف نائبة برلمانية من “البام”، رد الأزمي البكاي بطريقة متشنجة، وقال إن الفوائد الربوية حرام بالنص القرآني، وقال لهم “ديوها فشغالكم والمطلوب هو اقتراح الحلول العملية للمشاكل وليس التفتيش في أوراق العدالة والتنمية”، يعني “لا تبقاوش تفكرونا فهاد الشي ديال الماضي حيت نسيناه”.
ما قاله الأزمي يكشف عن جهل مريع بدور المعارضة، لأن هذه الأخيرة دورها هو التفتيش أصلا وطرح المشاكل والتنبيه إليها وليس اقتراح الحلول العملية، لأن اقتراح الحلول هو دور الحكومة وليس المعارضة، لأنها تتقاضى أجرها عن ذلك.
“وخا السي الأزمي، نديرو القروض البنكية قروض ربوية وحرام، والقروض اللي كاتهز الحكومة ديالكوم ملي جات من البنك الدولي والبنوك الأجنبية بفوائد ربوية ضخمة حلال ولا حرام”؟ وأنت كنت وزيرا مكلفا بالميزانية في الحكومة السابقة، وكنت من أشد المدافعين عنها، بحيث وصلت الديون إلى مستويات قياسية خلال الولاية الحكومية السابقة والحالية، وبلغت 970 مليار درهم، أي ما يشكل 91,2 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وطالما أن السي الأزمي حريص على تطبيق الحلال والحرام في تدخلاته بالبرلمان فليشرح لنا ما حكم الشرع “فهاديك الملايير لي كتجني الحكومة من مداخيل الخمور والتبغ، واش حلال ولا حرام أسي الأزمي”؟
وهنا سنعود معكم إلى الحملة التي خاضها حزب العدالة والتنمية عندما كان في المعارضة، ضد حكومة عبد الرحمان اليوسفي، عندما اتهمها بارتكاب الكبائر، ودعا الناخبين إلى تذكرها وهم يتوجهون إلى صناديق الاقتراع حتى لا يمنحوا الفرصة لتكرارها مرة أخرى، والخطير في الأمر أن قادة الحزب قبل أن “تنتفخ أوداجهم” ويسكنوا “الفيلات” الفاخرة في المنتجعات الشاطئية ويركبوا السيارات المصفحة، كانوا يوظفون الخطاب الديني في السياسة، وعشنا وشفنا أن الحزب أصبح يحلل ما كان يعتبره حراما، ومنها أموال الخمور طبعا.
كان قادة حزب العدالة والتنمية قبل “تكريط” اللحية، يعارضون إشاعة الخمور بين الناس، واتهموا حكومة اليوسفي بارتكاب “أم الكبائر” بالاعتماد على ميزانية الخمور، من خلال ارتفاع مداخيل الرسوم المفروضة عليها، لأن الحزب كان ضد بيع الخمور للمسلمين ويطالب بتطبيق القانون في هذا الشأن، كما شن صقور الحزب هجوما على الحكومات السابقة للمطالبة بوقف الترخيص لمحلات الخمور، وأحيانا الله حتى شاهدنا كيف أصبحوا بعد وصولهم إلى الحكومة، يراهنون على الضرائب المستخلصة من مداخيل الخمور لسد ثقوب الميزانية.
وحسب أرقام رسمية، فقد حققت مبيعات الخمور بمختلف أنواعها، أرقاما غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة التي تزامنت مع قيادة حزب العدالة والتنمية للحكومة، ما انعكس على قيمة الضريبة الداخلية على الاستهلاك التي تضاعفت من 70 مليار سنتيم إلى 150 مليار سنتيم.
أما بالنسبة لمداخيل القمار، فيتضمن قانون المالية الذي يصوت عليه نواب “البيجيدي”، حسابا خاصا باليانصيب ستجني الحكومة من مداخيله 7 ملايير سنتيم، وحسابا آخر يحمل اسم حساب خاص بالاقتطاعات من ألعاب الرهان المتبادل ستصل مداخيله إلى 9 ملايير سنتيم، وعندما كان الحزب في المعارضة، كان يطالب بمنع إشهار القمار بكل أنواعه لأنه من الأنشطة المحرمة والمدمرة للأسر المغربية، كما طالب بإغلاق ‘الكازينوهات”، وبينها “الكازينو” الذي ربح فيه ابن محمد يتيم 50 مليون سنتيم في إحدى مسابقات القمار الذي تحول على يد “المفتي يتيم” إلى رياضة ذهنية أموالها حلال طيب.
وعندما كان حزب العدالة والتنمية في المعارضة، كان يقيم الدنيا ضجيجا مع اقتراب موعد تنظيم المهرجانات الفنية، وكان ذلك فرصة لكي يخرج صقور الحزب ليعلنوا عن مواقفهم الرافضة للفن “المائع”، واتهام الحكومات السابقة بإشاعة الفاحشة، كما أن الحزب هاجم على لسان البرلمانية السابقة والوزيرة الحالية بسيمة الحقاوي الفنانات المشاركات في مهرجان “موازين” ووصلت إلى حد وصف إحداهن بـ”العاهرة التي تفسد أخلاق الشباب”، لكن بعدما ذاق قادة الحزب “حلاوة” كراسي الحكومة، أصبح لهذه المهرجانات جمهورها الذي يحترم الحزب ذوقه، كما بلع صقور الحزب ألسنتهم صمتا على كل المظاهر التي كانوا يعارضونها في السابق، وأصبحت حكومة العدالة والتنمية بقدرة قادر لا تمس بالحريات الفردية، ولا تدخل في صراع مع المخمورين ولا مع “النساء المتبرجات”.
وتابعنا، بعد وقوع فضيحة “كوبل” التوحيد والإصلاح التي هزت أركان الحزب وحركته الدعوية، إثر ضبط الشيخ عمر بنحماد رفقة الفقيهة فاطمة النجار في مكان منعزل في شاطئ القمقوم، وبعد فضيحة “يتيم ومدلكته”، كيف أصبح الحزب وحركته الدعوية يدافعان عن الحريات الفردية وعدم تجريم العلاقات الجنسية خارج الزواج، وخرج منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، الذي كان يترأسه الرميد وتخلى عنه لزميله في الحزب عبد العالي حامي الدين، بعد تعيينه وزيرا للعدل، ببيان حول الواقعة، التي اعتبرها تدخل في نطاق الحقوق والحرية الشخصية، بل أكثر من ذلك طالب بتعديل مجموعة من مواد القانون الجنائي التي تجرم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج ومنها المادة 490 التي تنص على أن “كل اتصال جنسي غير شرعي بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة زوجية، تكون جريمة فساد يعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 2000 إلى 20000 درهم، أو إحدى هاتين العقوبتين”، وكأن هؤلاء يشرعون لتقنين علاقاتهم الخاصة ولا يشرعون للمجتمع، لأن واقعة بنحماد والنجار ويتيم ومدلكته، عرت عن تناقض خطاب قادة حزب العدالة والتنمية، حيث يصبح الحرام حلالا بقدرة قادر.
وخلال تواجده في المعارضة، كان الحزب يخوض حملة ضد التطبيع مع الصهاينة، وكان ينظم وقفات احتجاجية ضد استضافة الصهاينة، وتقدم بمقترح قانون إلى مجلس النواب يمنع التعامل التجاري استيرادا وتصديرا مع “الكيان الصهيوني”، لكن عندما وصل الحزب إلى قيادة الحكومة، فتح أبواب مؤتمره الوطني في وجه “عوفير برانشتاين”، وهو الشخص نفسه الذي احتج عليه الحزب لما حضر إلى مؤتمر “أماديوس” بطنجة، كما أن نواب حزب العدالة والتنمية صوتوا ضد مقترح تعديل تقدمت به فرق المعارضة على مدونة الجمارك، يقضي بتجريم التبادل التجاري مع الكيان الإسرائيلي، وتكلف إدريس الأزمي الإدريسي، عندما كان وزيرا للميزانية في الحكومة السابقة، بإشهار “فيتو” الحكومة لإسقاط التعديل أمام لجنة المالية، كما رفضت الحكومة التعامل مع مقترح قانون يقضي بتجريم التطبيع مع إسرائيل، حيث ما زال “مجمدا” داخل رفوف لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب دون مناقشته منذ أربع سنوات، كما تزايد حجم التبادل التجاري مع إسرائيل في عهد الحكومة السابقة والحالية، بنسبة 216 في المائة، في الوقت الذي لم يتجاوز مجموع التبادل التجاري بين المغرب وإسرائيل 20 مليون درهم قبل سنة 2011.
وكان الحزب من أشد المعارضين لموافقة المغرب على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الموافق عليه بنيويورك في 6 أكتوبر 1999 من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة، بدعوى أنها تتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي، وخاصة ما يتعلق بنظام الأسرة وضمنه ما يهم الزواج والصداق والنفقة واسم العائلة واستقلال الذمة المالية للمرأة والحضانة والتبني والكفالة والإرث.
لكن بعد وصوله إلى الحكومة، أخرجت حكومة بنكيران، مشروع قانون رقم 125.12 الذي وافق المغرب بموجبه على الاتفاقية الأممية، وصوت عليه نواب الحزب تحت قبة البرلمان، وتكلف محمد يتيم عضو الأمانة العامة للحزب والقيادي بحركة التوحيد والإصلاح، بإلقاء مداخلة بالجلسة التشريعية، عبارة عن فتوى، لتقديم المبررات التي دفعت إخوانه إلى التصويت على الاتفاقية، حيث أكد أن حزب العدالة والتنمية يصوت بالإيجاب وبكل قناعة على الاتفاقية، لكون مضامينها لا تتعارض مع الدين الإسلامي.
“واش عمركم شفتو شي نفاق كبر من هادا.
الأخبار بريس