لم يصمد بنكيران طويلا امام "حجاب" ماء العينين، لأول مرة يذهب مجهوده الشفوي ادراج الرياح، وينساه الرأي العام بسرعة الريح أيضا. لكن قبل أن نتركه خلفنا بالكامل، علينا العودة إلى تلك الشقلبات البهلوانية التي أبدع وامتع فيها جمهور المتابعين. فقد مشى فوق الحبل حافي القدمين، كما لعب بعدة كرات ودحرجها ورماها في الهواء، نفخ البالونات أيضا وهو شيء ممتع للغاية، كما أنه لعب بالنار عندما نفخ اللهب من فمه، وكانت لحظة مثيرة فوق خشبة مسرح المتقاعدين.
الحقيقة أن الفرجة كانت كاملة، لكنه مجرد فاصل إشهاري قبل العودة إلى مسلسل "الحب الممجوج في مولان روج"أ فقد ابت عن سبق إصرار أن تتنازل بطلته أمينة ماء العينين عن صدارة "الطونطونس"، عادت بحلقة أكثر إثارة، عندما ضحت بكرسي رئاسة جلسة في برلمان الأمة برحلة قصيرة حميمية في سيارة على الطرييق العام المغربي. كاتب السيناريو كان ذكيا لم يكتف بالمشهد العادي لرحلة عاشقة عادية جدا، بل أضاف لها من بهارات الإثارة حادثة سير، و التوقف لإنتظار "الكوسطاطور"، وإلتقاط الصور طبعا، وإكتشاف أن البطلة التي تقوم بدور نائبة برلمانية في المسلسل، لبت نداء عواطفها امام نداء واجبها الذي من أجله أنتخبت.
الحقيقة أن السيد بنكيران أضاع خرجته في عز مشاهدات مسلسل مثير، كان عليه أن يخرج إبان يتيم أو ربما قبلهما بكثير في عين الدياب أو زواج الوزارات، كان عليه أن يبقى إلى جانب حامي الدين يحمي إرثه من "القداسة" ويفتي يمينا ويسارا، يعطي الضوء الاخضر لهذه أن تنزع الحجاب فهو مجرد سنة، ويعطي لهذا أن يعشق ويغرم ويسافر ما دام مستترا.
قبل أن نتركه خلفنا لنتوقف قليلا عند الطريق الذي حاول تعبيده نحو الأضواء، وبما أن بنكيران ليس مهندسا ولا بناءا لم يستطع إستكمال بناء الطريق، كان معيبا فيه العديد من المنعرجات و الحفر و المطبات ناهيك عن عرضه الذي لا يتسع لكل السيارات.
لكن على الأقل نشكر السيد بنكيران، لأنه على الأقل أعطانا فرصة كي نروح عن انفسنا من عناء الكتابة الصحافية الخبرية المليئة بالحوادث و الصدامات الحياتية و السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية، نشكره لأنه ازاح عن كاهلنا قليلا من عبء الجدية.
خلاصة واحدة نخرج بها من فيديو السيد بنكران، ونكتشف ذلك بالملموس، هو أن الرجل بالفعل عليه أن يتقاعد، وأن بهلوانياته لم تعد تجدي نفعا ولا يمكنها أن تزيح النظر عن المشاكل الحقيقية التي يتخبط فيها حزبه، ومعها الحكومة التي يقودها المصباح إلى ظلام الغيب.
خلاصة القول أن خرجة السيد بنكيران سجلت عدة زلقات يمكن تصنيفها بالخطيرة جدا، اولا خوضه في المؤسسة الملكية ومسألة رفع الدعاوي القضائية ضد الملك، وهو ما يعتبر نوعا من المزايدة المجانية التي لا نتيجة ترجى من ورائها سوى إثارة زوبعة في فنجان البيجيدي.
خرجة بنكيران عادت إلى "قاع الخابية"، وغرف صاحبها من معين أحداث سابقة، وشمت في احزاب ونزه حزبه وهدد و"خرج عينيه"، في الصحافة وإعتبر أن أي خبر أو صورة تنشر فيها هي بإيعاز من أجهزة ما، نسي أن الصحافة مهمتها الاولى و الاخيرة هي الإخبار، وأن فضائح أتباع وقيادات حزبه هي التي تثير شهية هذه الاخبار، ونحمد الله ان صارت لنا صحافة تجيد العزف على وتر المتابعة و المواكبة بشكل دقيق و متواصل.
السيد بنكيران كي يقول الخلاصة دافع عن تيار الإستوزار الذي كان سببا في نكوصه و إختبائه وعودته إلى منطقة الظل، لكنه يريد أن يقول أن كل شيء ليس بخير فقط العدالة و التنمية بخير ويسير في الطريق الصحيح... ونخاف أن يكون الطريق الذي بناه أيضا كله مطبات و حفر..
عبد العزيز المنيعي.