طه لمخير
كبائع البطيخ أو الفلافل الشامية، يطاوح رئيس الحكومة السابق بالفساوي من "الفساء" ذات اليمين وذات الشمال، فمرة يفتي بالحرية الشخصية فيقول للنائبة (التي أصبحت لعنة على الحزب) قولي لهم: "أوا من بعد.. اللي مجوجني يطلقني"، ومرة أخرى يتوعدها بقوله "ما نعقلوش عليها"، وتارة يقول "منها لله المفترية"، وأخيرا وصفها بأنها سياسية من ألمع السياسيين المعاصرين !!!، ولم يبق إلا أن يقول "تنشوف فيها ونقول هذا هو العيد" !!.
ويبدو لنا كأنه يمسك في يده بجمرة ملتهبة، فلا هو يستطيع أن يقبض عليها حتى تبرد، ولا هو قادر على التطويح بها بعيدا، والذي يظهر لنا أيضا أن أمينة ماء العينين نفسها اتضح لها أنها استعانت بمعتوه في محنتها، وأنه إذا استمر في هذا الهذيان فسيتسبب حقا في اجراء انتخابات مبكرة و خروج الحزب من الحكومة حتى قبل الانتخابات المقررة عام 2021.
والحقيقة أن الأزمة وضعت الاسلاميين في خانة اليكّ، لم يعرفوا لها مخرجا يخرجون منها برأس مرفوعة وكرامة محفوظة ورأسمال كاف لمزيد من المتاجرة، فإذا هم أنكروا على نائبتهم فقد أقروا على أنفسهم بممارسة التضليل والازدواجية، وإذا تواطأوا معها واستعاروا لغة حداثية، تألبت عليهم قواعدهم والأجنحة الراديكالية في الحزب واعتبرتهم فسقة ماجنين وخائنين للأمانة، وإذا هاجموا الحريات الفردية تناقضوا مع تصريحاتهم السابقة التي تذرعوا فيها بالحقوق الأساسية.
وبما أنهم ليس بينهم وبين حسن إدارة الأزمات إلا الخير والاحسان؛ فقد وقعوا في شر أعمالهم، واختار ابن كيران أن يجرب جميع الخيارات المتاحة بكل ما تحمله من تناقضات. ولأنه لا يمكن فصلهم عن مواقفهم الأخلاقوية الاستعلائية السابقة، وتشدقهم بالمثل والقيم قبل أن يفضحهم الله ويهتك سترهم، فقد أصبحت مثاليات الأيديولوجيا نفسها التي طالما جلدوا بها الناس، عالقة في أفواههم كعظمة في شدق كلب دون القدرة على لفظها ولا ابتلاعها.