موحى الأطلسي
آخر ما اكتشفناه في علي أنوزلا مدير موقع لكم بالوكالة، هو أنه مؤرخ بعد أن اكتشفنا سابقا أنه صحفي يعمل بالعملة والعمالة، وأنه يبحث في الأماكن الخلفية لإرضاء نزواته الشاذة وأنه قزم يريد أن يصبح عملاقا فصعد إلى الجبل فلم يرى إلا نفسه وبقي الناس ينظرون إليه على أنه قزم عميل خائن للوطن.
حاول علي أنوزلا في مقاله المعنون ب"الصحراء سود الفهم الكبير" أن يجرب تمريناته الإنشائية في موضوع شائك يحتاج إلى عدة وعتاد ألا وهو موضوع التاريخ، وأبان أن ما يفهمه في التاريخ شبيه برؤية البومة التي ترى الواقع بعد فوات الأوان، فالمؤرخ أنوزلا أعور، لا يرى إلا بعين واحدة ألا وهي "عين ظهره"، وبالتالي لا تهمه الحقيقة الثاوية في قلب التاريخ.
فأولى أدوات المؤرخ هو التحقيق، فتبين أن أنوزلا ليس له من تاريخ الصحراء شيء سوى ما سمعه في انحناءاته الصحراوية، وهل تترك الخلة للعقل فرصة للتفكير والتمحيص، بل هي لحظة تصديق الأحلام.
لماذا أنوزلا مؤرخ أعور؟
لأنه رأى رمال تندوف وحسبها دولارات ولم ير الحافة، فالمؤرخ الأعور رأى مصطفى السيد يقود سيارته في رمال الصحراء ولم ير حركة البناء التي قادها المغرب، وفي جولة بالعيون قال أحد مرافقينا أن ما ترونه في هذه المنطقة من بنايات وطرقات كانت فيافي تعوي فيها الذئاب.
ولأن المؤرخ الأعور هو شبيه بمؤرخي العصر العباسي فإنه قدر ما يأخذ سواء تعلق الأمر بدولار تائه في رمال الصحراء أو دينار جزائري أو حتى "ماء الحياة" ليطفئ به شبقه للانطواء في الليالي المظلمة.
إن ما كتبه علي أنوزلا يصلح في الدروس الابتدائية للسوسيولوجيا عندما يتولى الباحث جمع معطيات من الشارع، دون التوفر على أدوات معالجتها، فمن أين أتى علي أنوزلا بخلاصة مفادها أن الصحراويين متذمرون؟ ناسيا أن ما يسري على الأقاليم الصحراوية يسري على باقي المناطق، فالعطالة لم تعد معطر وطني فهي أزمة دولية حاليا.
وقراءة التاريخ لا تتم بأثر رجعي، فعندما قرر طلبة صحراويون تأسيس البوليساريو فهل كان الدافع الواحد هو الغبن الذي شعروا به تجاه السلطات المركزية بداية السبعينات؟ أين هي الظرفية السياسية المتحكمة دوليا وإقليميا؟ وما دور نظامي بومدين والقذافي في ذلك؟ أم أن أنوزلا لا يريد أن يذكر أحبابه وأولياء نعمته بسوء؟
لا يخرج ما كتبه على أنوزلا عن التبريرات التي تتذرع بها جبهة البوليساريو وعملاؤها لعرقلة أي حل سياسي لمشكل الصحراء، فمشكل توزيع الثروة الذي يتحدث عنه الصحفي القزم هو موضوع وطني ولكن المؤرخ الذي يرى ب"عين ظهره" لا يريد أن يفهم أن دسترة مجلس المنافسة تدخل في سياق إعادة توزيع الثروة شمالا وجنوبا عموديا وأفقيا والقطع مع اقتصاد الريع نهائيا قبل أن يتحدث عنه أي أحد.
وتحاول الجبهة وعميلها أنوزلا أن يوضحا للعالم أن المشكل الذي يحول دون حل مشكل الصحراء هو ما ذكره علي أنوزلا، وهذه فكرة تقتل من الضحك لأن المشكل معقد يتداخل فيه التاريخي بالسوسيولوجي بالسياسي بالإقليمي بالدولي ومرتبط بالتغيرات والتحولات التي يمكن أن تعرفها المنطقة خصوصا على مستوى الأمن العسكري الجزائري الذي يشعر تجاهه أنوزلا بدين كبير يوم استنقذه من بطالة مقنعة وأرسله بتوصية عند القذافي ليعمل في وكالة أنبائه التي لم توزع نبأ واحدا طوال عمرها.
ولأن المؤرخ يرى بعين واحدة غير عينه الطبيعية، فهو لم ير شيئا اسمه مقترح مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، الذي اعتبره المغرب أرضية للنقاش من أجل إيجاد حل لمشكل الصحراء والذي بموجبه يتم منح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا بصلاحيات واسعة، ولو كانوا يريدون الديمقراطية لدخلوا فيها لكنهم يريدون إدامة الصراع لأن فيه استمرار للعيش الدنئ عن طريق نهب المساعدات الدولية وفيه تعيش للعملاء الذين يقبضون عملات جزاء وفاقا لما يكتبون ضد بلدهم وعلى رأسهم الصحفي القزم.