يوم الجمعة (21 دجنبر 2018) ويوم السبت (22 دجنبر 2018) نُظِّمتْ في كذا مدينة ومنطقة وقفات احتجاجية للتنديد بمقتل السائحتيْن الأسكندناڤيتين بإقلم (الحوز)؛ وإنّي لأتساءل عن الفائدة من المظاهرتيْن؛ فالجريمة بشعة، والقتل مرفوض، وقد لعن الله عزّ وجلّ وملائكتُه القاتلَ مِن فوْق سبع سماوات، كما لعن مُبْطل حُكْم الله، والمتقاعس في تنفيذه في حقّ من قَتل نفسًا بغير حقّ، والمغاربةُ بلا استثناء، ينادون بتنفيذ عقوبة الإعدام، كما ينادي بها الرئيسُ الأمريكي [ترامب] صراحة، وهو غيْر مسلم.. فما الفائدة من هذا التنديد بالمجرمين، وقد فعلوا ذلك عن قناعة راسخة، وتصميم مسْبق، وهم غيْر نادمين، بل مطمئنّون على حياتهم، لعِلْمهم المسْبق بأنه لا قيمةَ للحياة في هذا البلد.. فحتى لو طالب المتظاهرون بتنفيذ عقوبة الإعدام في حقّ القتَلة، فلن يسمعهم أحدٌ، لأنّ في مراكز القرار في هذا البلد، تلاميذَ مدرسة (جنيڤ)، يحرصون على حياة هذه الوحوش البشرية، التي تعمل على نقل المواطنين من دنيا الحياة، إلى ظلام القبر.. ثم إنّ هناك نوعيْن من المظاهرات لا تُسْمع أصواتُها، ولا يُستجابُ لمطالبها، وهي أوّلا مظاهرةٌ تطالب بالحقوق، وتحْسين ظروف العيش في البلاد.. والثانية، مظاهرة تطالب بتنفيذ حُكْم الله عزّ وجلّ في حقّ قتلة النفس بغير حقّ؛ والعائقُ هو وجود أوثان تفرض عقيدَتَها وتعاليمَها على المغاربة الذين يفتقرون إلى حكومة شعبية، وبرلمانٍ يمثّلهم حقّا وصدقًا..
ويوم الخميس (20 دجنبر 2018) ترأّس [العثماني] مجلسًا وزاريًا لحكومة الأربعين، فندّد بجريمة الحوز، وهنا ظهر اللاّمعقول، وانتشى النفاق، وبرز الضحكُ على ذقون المغاربة، وطُرِح السؤالُ الكبير: كيف لرئيس حكومة، وهو زعيم حزب إخواني، يهاجم القضاء، ويدافع عن متّهم بجريمة قتْل مع سبق الإصرار والترصد، طبقًا لتعاليم (الإخوان الدّمويين) فكيف له أن يندّد بجريمة قتْل الأجنبيتيْن؟ هل هذا معقول؟ هل نحن شعب أم قطيع؟ هل نحن أذكياء أم بُلهاء إلى حدّ صار (العثماني) يسْخر منّا، وهو الذي قتل بسياسته آمال المغاربة؟ لقد كان من المفروض أن يكون (العثماني) ووزيرُه، ومجرمُه، وراء القضبان، بقرار قضائي نافِذ.. لكن نقول لـ(العثماني) ما قاله الشاعر ذات يوم: [سَتُبْدي لكَ الأيّامُ ما كنتَ جاهلاً].. فاحْذَرْ مكْر التاريخ، لأنه لا مستحيلَ في التاريخ.. يا (عثْماني) وقد أتعبتَ أمّةً، وخنتَ أمانةً، وأكلتَ أموالنا سُحْتًا، وحكمتَ علينا بالضّيق، والفقر، والغبن، والشّقاء بِكذبِكَ علينا..
(الإخوان) دمويون، وأهلُ قتْل، وغدْر، وكذبٍ، وقد سبق وأنْ ذكرْنا ضحاياهم من سياسيين، ومحامين، وقضاة، ومفكّرين، كلّ باسمه، وبظروف اغتياله، ثم بيّننا علاقةَ (الإخوان) بالظلامية والإرهاب الدموي، وارتكزْنا على مراجعَ، وكتابات مؤرّخين، وشهادات مفكّرين مِن أبرزهِم (عبّاس العقّاد).. لقد أُزيحوا من الحكم، ومن كافة المناصب عبر العالم، لكنْ في بلادنا قفزوا إلى السلطة، وطعنوا في الملَكية، ودمّروا المؤسسات، وباعوا المرافق، ونصّبوا عُملاءَهم في مناصب عليا، وبهْدلوا قطاعَ التربية، وأهانوا الموظّفين، والعمّال، ونسفوا صندوقَي التقاعد والمقاصّة، وشوّهوا البلدَ في كافة العالم؛ والآن استَهْدنوا العدالةَ، والمؤسسات القضائية في البلاد، وجعلوا استقرارَ المغرب في مهبّ الريح، وصاروا بالأمّة نحو الهاوية فهل من منقذ من (خوارج العصر)؟ هل من مُنقذ من حزب النفاق، والكذب، والدسائس ضد المؤسسات؟ هل من منقذ من أعداء الملَكية، والوطن، والشعب، قبْل فوات الأوان، قبْل حلول عصر الهوان؟ أمَا آن الأوان للتخلّص من جماعة القتل، والذّبح، وبقْر البطون، وقهْر الشعب، وأكلِ السُّحت؟
إنّ [عبد الله] ابنُ صحابي جليل؛ كان إسلامُه، وكانت حياتُه، روعةً وبهاءً، هو [خبَّاب بن الأرت].. لقِيَه (الخوارجُ) هو وزوجتُه في طريق سفرهما، فاعتقلوهما، وسألوا (عبد الله) أن يحدِّثهم ببعض ما سمعه من أبيه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.. هكذا يظْهرون لكَ تُقاة، أُولو ورع، ودين، ولكنّه مجرّد نفاق؛ كيف ذلك؟ سألوه عن (الإمام عليّ) كرّم الله وجهَه، فقال فيه خيرًا.. والآن، لننظرْ هذه المفارقة المضحكة والمفجعة من أصحاب الدّين، والورع، والتقوى: فبينما هم ماضون بالصحابي (عبد الله) وزوجته كأسيريْن، سقطتْ تمرةٌ من نخلة، فتلقّاها أحدُ الخوارج بفمه، وقبْل أن يَمضغَها، صاح به زميلُه: كيف تستحلُّها بغير إذن من صاحب النخلة، ودون أن تدفع ثمنَها؟ فألقاها من فمه، وراح يندم، ويستغفر.. إنّه الورع، والتقوى، أليس كذلك؟ وبعد الموقف "النّبيل"، والامتناع عن أكل الحرام، خوفًا من الله عزّ وجلّ، تقدّموا من (عبد الله بن خبّاب) فذبحوه؛ ثم التفتوا بوحشيتهم صوب زوجته، فصاحتْ [إنّي حُبْلى، فاتّقوا الله فِيَّ!]؛ ولكنّهم ذبحوها هي الأخرى، وبقروا بطنها، وأخرجوا جَنينَها.. هذا هو إسلام الإخوان، ودينُ (داعش)، وجماعة (النصرة)، وقتلة (آيت الجيد)؛ فاحذروهم!