أثارت الصور التي نشرها موقع “برلمان.كوم” للبرلمانية أمينة ماء العينين وهي في لباس حداثي، نقاشا واسعا في منتديات التواصل والمواقع الإخبارية.
وبالعودة إلى هذا الموضوع نجد أن الزوايا المختلفة التي تم من خلالها تداوله، تتمحور حول الحرية الفردية من جهة، وحول الخطاب المزدوج لقياديي العدالة والتنمية.
ومهما اختلفت الزوايا ووجهات النظر، فالحقيقة التي لا يمكن حجبها عن الأنظار هي أن هذه الرجة هزت حزب العدالة والتنمية بكامل هياكله لأنها ركزت على السلوك المزدوج للبرلمانية ماء العينين وتأثيره على الاختيارات السياسية للمواطنين مما يجعله تغليطا وتمويها لفئات عريضة من الشعب.
وقد تسببت هذه الفضيحة الجديدة في خلق ارتباك غير مسبوق للمنهجية التواصلية التي يعتمدها الحزب منذ سنين، وجعلت مدفعيته الإلكترونية تطلق نيرانها الفيسبوكية في بداية الأمر، قبل أن تتفاجأ بالصورة الثانية فتتراجع مفضلة الاختفاء.
نعم، فقد أظهرت هذه الضجة قصورا واضحا في السياسة التواصلية للحزب، كما كشفت عوراته بشكل معيب، وبأنه لا يتقن التعامل مع الهزات المفاجئة وغير المتوقعة.
وقد خلصت النقاشات التي تم فتحها عبر منتديات التواصل الاجتماعي إلى أن مشكلة أمينة ماء العينين، لا تكمن أبدا في ارتدائها لهذا الزي المتحرر، إذ كان بإمكانها أن تعود إلى أرض الوطن منسلخة عن حجابها ولباسها الديني، باعتبار أن القرار يعود إليها لا إلى غيرها، وبالتالي كان بإمكان حزب العدالة والتنمية أن يربح موقفا جديدا يؤهله للدخول في منعطف جديد في اختياراته السياسية ومرجعياته الأيديولوجية.
كما خلصت إلى أنه كان بإمكان أمينة ماء العينين أن تتحلى بجرأة أكبر، وتحول هذا الموقف السلبي إلى موقف إيجابي، من خلال الاعتذار للشعب، وإلى الذين انتخبوها، فكلنا معرضون للفتن، سواء كان منبعها داخليا كالنفس الأمارة بالسوء، أو خارجيا إذا كانت قد تعرضت لضغوط معينة من رفيقها المعروف بعداوته لكل ما هو عقائدي، وبذلك كان بإمكان هذه البرلمانية أن تربح عطف المواطنين، وتتابع مسيرتها مع حزبها، وهي تعلم أن الرئيس الأمريكي الأسبق “بيل كلينتون” سقط في الخطيئة يوما، وخان زوجته، بل وخان ثقة الشعب، ولما اشتد عليه الحصار الإعلامي أسال دمعتين على خديه، واعترف بفعلته مع متدربة شابة في البيت الأبيض.
أما بالنسبة للباس الذي كانت ترتديه ماء العينين بفرنسا فقد اعتبر الكثير من المتتبعين، وخاصة المنتمون لحزب العدالة والتنمية، أنه ليس أخطر من ربط علاقة مع المدعو جواد بنعيسي الذي سبق له أن توعد هذا الحزب وهدده بالتدمير، كما سبق له أن أشهر سلوكات متناقضة مع تعاليم الدين الإسلامي، وبالتالي فهذه العلاقة تشبه قنبلة خطيرة تلقي بها ماء العينين في بيت حزب العدالة والتنمية الذي يستند على الخطاب الديني في أيديولوجيته السياسية، ولمباركة هذه العلاقة المشبوهة قامت ماء العينين باصطحاب بنعيسي إلى راعيها الأول عبد الإله بن كيران، ثم تعمدت مساعدته لدى عدد من الوزراء لإنجاز بحوثه.
ورغم ما تطرحه هذه العلاقة من شكوك وتساؤلات حول أهدافها وحيثياتها، فقد رافقت أمينة ماء العينين صاحبها إلى منزل أسرته داخل المغرب وخارجه، بكل ما يثيره هذا الفعل من شكوك وتساؤلات، تزحزح روح الحديث النبوي الشريف “ما خلا رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما”.
وإن أبرز ما حير المتتبعين لهذه الفضيحة هي الأسئلة التي طرحها بعض المواطنين حول هوية الشخص الذي التقط صور ماء العينين في فرنسا، واحتمال أن يكون هو من سرب هذه الصور إلى موقع “برلمان.كوم” وجريدة “الأخبار”.
فقد سبق لجواد بنعيسي أن التمس من جهات مقربة من “برلمان.كوم” نشر وثيقة تكشف ما دار في اجتماع عقد بمنزل خديجة الرويسي (السفيرة الحالية) في شهر دجنبر 2015، وحضرته فعاليات مدنية وسياسية، حيث تفوه إلياس العماري أمام الجميع بتصريحات خطيرة تمس مؤسسات الدولة، حسب ادعاء بنعيسي.
ولأن موقع “برلمان.كوم” لم يتسن له في حينها التأكد من صحة هذه التسريبات التي التمس جواد بنعيسي نشرها، فقد وجهها هذا الأخير إلى موقع آخر.
والملاحظ في هذه التسريبات المثيرة للشكوك، أنها كان بإمكانها توريط إلياس العماري في حينها، إضافة الى كونها تؤكد أن العلاقة التي تجمع بنعيسي بالعماري تظل مبنية على المصالح الذاتية، وليس على الوفاء والصدق والائتمان.
وانطلاقا من هذه العملية الموثقة بالحجة والشهود، يمكن للقارئ أن يستوعب نوعية العلاقة التي تربط أمينة ماء العينين بجواد بنعيسي الذي سبق له أن تنقل بين الأحضان الدافئة للعدل والإحسان، قبل أن يجري عملية جراحية لعينيه، ويغير وجهته نحو أحضان العدالة التنمية، بعد أن تم طرده من أحضان حركة “مالي” المتطرفة يسارا.
وفي تدويناته المرتجلة التي حاول فيها الدفاع عن هذه العلاقة، أقحم المدعو جواد بنعيسي، اسم والدته التي كان من المستحسن توقيرها، كما أن النائبة البرلمانية قذفت بتهور بصور هذه السيدة عبر “الفيسبوك”، في موقف استباقي لتبرير علاقتها بهذا الشخص.
وأمام هذه الفوضى التواصلية خرج السيد حفيظ بنعيسي، أخ جواد بنعيسي، لينتقد بوضوح عملية إقحام الوالدة في هذا الصخب، وهو الذي يعرف جيدا أن أخاه يعمد إلى ارتجال مواقفه ولا يدرسها بكياسة وحكمة.
فحفيظ بنعيسي ينال رزقه من عرق جبينه كحلاق في مدينة فاس، وهو يعرف حدة الخلافات التي حصلت مع أخيه بسبب عدم احترام هذا الأخير لحريته الفردية.
ومهما كانت الأمور فإن الواقع يفرض اليوم أن يعترف حزب العدالة والتنمية بوجود تيار جديد بداخله يميل إلى الحداثة والتحرر، كما أن ما حصل من رجة إعلامية مواكبة لنشر صور أمينة ماء العينين هو تجسيد لما يتميز به مجتمعنا من نقاش صحي وهادف من شأنه أن يصحح المسارات والاختيارات، بل من شأنه أيضا تصحيح السلوكات والتصرفات.