يونس دافقير
العاطلون عن العمل يعبثون بهيبة الدولة، والسلطات تساوم من أجل صفقة سلم هشة. لقد دخلنا مغرب ”الفشوش”الاجتماعي، وهيستيريا جنون جماعي.
بدؤوا باقتحام المقرات الحزبية، ثم انتقلوا إلى وزارات الدرجة الثانية، وهاهم اليوم يخلعون أبواب الأمانة العامة للحكومة. بعدما حاصروا، في وقت سابق، سيارة رئيس الحكومة في الشارع العام.
إنهم يعبثون في كل مكان، يمكن لهم إحراق دائرة أمنية، ورشق رجال الأمن بالحجارة، ولهم أيضا أن يوقفوا حركة القطارات ويقتحموا المطارات، ومقرات المؤسسات العمومية والهيئات الحقوقية.
الأقل عدوانية منهم، حولوا فضاءات المغرب إلي سوق عشوائية كبيرة، في كل ممر وبقعة وشارع وزنقة ينتشر الباعة الفوضويون معرقلين حركة السير والجولان، حتى أنه من الصعب الآن أن تجد رصيفا تسير فيه بعيدا عن عجلات السيارات التي قد تدهسك.
في كل مرة، يرددون نفس التهديد الغبي، إما أن تعطونا ما نشاء، وتدعونا نفعل ما نشاء، أو نحرق أنفسنا بالبنزين. لم يأخذ هؤلاء من ”الربيع الديمقراطي” غير الدوس علي رمزيات الدولة، ونشر الفوضى في كل مكان.
بالنسبة لي، يعزز هذا المشهد ادعاءات الجناح المتشدد في الدولة، والذي كان يعتبر إلى حدود الأمس، أن المغاربة غير مؤهلين لممارسة الحرية، غير ناضجين ويفتقدون للمسؤولية في ممارسة حقوقهم الديمقراطية، ولذلك، يحتاجون دائما إلي ضبط ووصاية صارمين.
إذا كانت أحداث السنة الجارية قد سرعت وتيرة التغيير السياسي في البلد، ووسعت من هوامش الاحتجاج وسلطة الشارع، فإنها في نفس الوقت وضعت هيبة الدولة في الميزان، ولعل أصعب ما قد يحدث لسلطة عامة هو أن تفقد سلطتها، أو لا يعود لها اعتبار في أوساط الجموع، فعند هذه النقطة، تبدأ مسارات الانفلات الأمني في مستوياتها الأكثر إثارة للقلق.