أحمد الميداوي
فضائح قياديي البيجيدي بدءا من الزوج الحبيب الشوباني وسمية بن خلدون إلى النائبة البرلمانية أمينة ماء العينين، مرورا بالداعيتين فاطمة النجار وعمر بنحداد والوزير محمد يتيم، واللائحة طويلة.. تثبت للمغاربة بأن حزب العدالة والتنمية ليس سوى مجموعة من دعاة الحجاب المزيف والنعل واللحى بمختلف أشكالها، وما يصحب ذلك من جمود فكري وشلل في الرؤية وتقييد للفكر الحر. وهم بقدر ما يسهمون في تكريس الخداع وتسويق السراب والوهم للمغاربة، يقدمون أنفسهم على أنهم الحل، بيد أنهم المشكلة الكبرى التي تواجه المجتمع المدني المغربي.
فطوال سنوات حكمهم تناقضـت مواقفهم النفعية المكشوفة التي تأسست على قاسم مشترك يرفض منطق الحداثة والتقدم الذي يفرض نفسه على المجتمعات البشرية بحكم الحاجة إلى التطور، ويغلّب الخطاب الماضوي البعيد عن الشواغل السياسية الحقيقية، وفي مقدمتها العدالة الاجتماعية والاقتصادية ودولة القانون.
فضائح البيجدي المدوية على أكثر من صعيد، لا تقل فظاعة عن مشروعهم الإسلاموي الفاشل في كل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بعد أن سرقوا السلطة من خلال استخدام الدين، موهمين المغاربة بأن وصول الإسلام السياسي إلى السلطة يشكل اكتمالا للإسلام دينيا ودنيويا.
وقد تمكنوا مع تعاقب سنوات الحكم في من بناء تنظيمات برؤوس متعددة تدير مؤسسات متنوعة ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية وتعليمية وحتى نقابية. واخترقت تلك التنظيمات مؤسسات الدولة والكثير من المجالات الحيوية، غير أنها فشلت في تصحيح الخلل التنموي وازداد تخبطها في تدبير الشأن الاجتماعي والاقتصادي.
ومن نتائج هذا التخبط أن أشعل فتيل المظاهرات والاحتجاجات المطالبة برفع مظاهر التهميش والظلم الناجمة عن السياسة الكارثية لمسوقي اللحى والحجاب، والمرشحة أيضا لعواصف أعتى من الاحتجاجات القادمة لا محالة إذا لم يقم البيجيديون بتغيير حقيقي في نهج الحكم بعيدا عن التمركز المفرط حول الأنا الإسلاموية، ورفض الآخر لمجرد انتماءاته السياسية الأخرى.
لم يعد بإمكان البيجيديين أن ينكروا حالة الاحتقان التي يوجد عليها المغربـ، وتخليهم المريب عن مسئولياتهم، وغوصهم في فضائح مدوية بدلا من رعاية مصالح المواطنين الذين بلغ بهم اليأس مبلغه من سياسات الارتجال التي تميز أداءهم.
فالعالة تكمن في الإسلام السياسي الذي أوصل البيجيديين إلى الحكم، وهو إسلام يشكل خطرا حقيقيا ليس فقط على المجتمع المغربي، بل على سمعة الإسلام نفسه، حيث استعمال الدين في مجال السياسة هو أبغض وسيلة للكذب على الشعوب وأشدها خطرا على أمنها واستقرارها. ومن هنا وجبت المواجهة الفكرية الحاسمة لهؤلاء، علما أن فصل الدين عن السياسة يشكل عنواناً مهماً وأساسياً في عملية التطوير والتنمية. وكما كان إعمال هذا الفصل في أوروبا طريقاً للقارة العجوز نحو التقدم العلمي والارتقاء الإنساني، فإنه من الحتمي أن يقود عندنا إلى النتائج نفسها.
أن تنهوا عن المنكر هنا، وتقترفونه في البلاد الأخرى، هذا شأنكم. أن تحتجب نساؤكم هنا، وترتدين سروال الجينز مع تسريحات شعر مثيرة في البلاد الأخرى، ذلك شغلهن. لكن دعوا عنكم الإسلام كخدعة مفضوحة للوصول إلى السلطة، وافهموا جيدا أن كل ما يطلبه المغاربة منكم هو أن تبتكروا طريقة جديدة في تدبير شؤونهم أو انصرفوا جازاكم الله..