لم تعد جماعة العدل والإحسان تجد حيطانا تختبئ خلفها، بعد أن تبرأت منها كل وجوه الحراك الاجتماعي أو ما تبقى من هذا الحراك.
ولم يأت إعلانها الدخول في "سبات" من قبيل الصدفة، ولا يندرج في إطار أية استراتيجية، بل هو نتيجة طبيعية لاستنفاذ الجماعة لكل قواها، بعد أن جربت بحربائية "نادرة" أن تتقمص كل الأدوار، وأن تلعب على كل الحبال من دون أن تفلح في خداع الجماهير.
فبعد أن جربت ارتداء جبة حركة 20 فبراير من دون جدوى، وركبت على نضالات المعطلين بدون معنى، وجدت نفسها عرضة لقصف الطرفين معا، ادعت الانسحاب من قلب معركة حاولت أن تستعمل فيها كل أنواع الأسلحة المحظورة، بما في ذلك سلاح التشيع المستورد من "قم" الإيرانية، غير أن يقظة الشباب أفشلت كل محاولات تسريب هذا العتاد، فبارت البضاعة بين أيديها، فلم تجد الخلاص إلا في التراجع والاختباء.
الجماعة اليوم، وصلت مرحلة الاحتضار، ومهما حاولت أن تنفخ من روح كاذبة في جسدها الذي تسكنه العلل، وتتداوله الأمراض، فإنها لن تستطيع حجب الحقيقة... والحقيقة هي أن المرحلة التاريخية عرت سوءتها، ولن تنفع أوراق الثوث في ستر هذه السوءة، وما عليها إلا قبول الانخراط في اختيارات المجتمع، والخضوع إلى شروط "اللعبة" الديمقراطية بعيدا عن أحلام "القومة"...
وعلى الجماعة، الآن، أن تستفيد جيدا من هذا الدرس، وأن تميز جيدا بين إرادة شعب وأهواء شخص.
الجماعة اليوم، مهما تعددت التحليلات، ومهما التمست الأعذار لنفسها، أو على الأقل لهذا الانسحاب، عليها أن تمتلك الشجاعة الأدبية الكافية، وتعترف أن الإصلاحات المُعلنة فندت آخر حكاية في الأساطير المؤسسة للعدل والإحسان.