عجيب أمر الممتهنين لتجارة حقوق الإنسان بالمغرب، فهم أول من يدوس على هذه الحقوق ولا يحترمها إذا تعلقت بالغير، وكأنها حكر عليهم وحدهم فقط، فشعارات الحقوق والنزاهة والمساواة والمحاسبة والمثل العليا والمواثيق، كلمات يلوكون بها ألسنتهم في الندوات واللقاءات، ومع أول امتحان يضربونها عرض الحائط ويتطاولون عليها خدمة لمصالحهم الشخصية، يريدون أن يظهروا بمظهر كلاب الحراسة الأمينة على القطيع وهم في الحقيقة ذئاب ينقضون على فرائسهم مع أول فرصة سانحة، وقد تكون هذه الفريسة أموالا أو مناصب أو خوضا في الأعراض أو تقارير مدفوعة الثمن للأعداء.
ومادامت تجارة سهلة وربحها وفير ولا تحتاج لمجهود كبير غير اللغو المستفيض والتواجد على كل الموائد والنفاق المستمر، فقد كثر هذا النوع من التجار مؤخرا بشكل لافت، ومهما اختلفت انتماءاتهم الفكرية أو المظلات التي يتسترون ورائها من منظمات وجمعيات حقوقية، ستبقى بضاعة حقوق الإنسان التي يروجون لها هي قاسمهم المشترك، وهدفهم جميعا تحقيق الربح والمنفعة الشخصية سواء كانت مادية أو عينية.
ومنهم على سبيل المثال لا الحصر-حيث نحتاج إلى مجلد لحصرهم-، مصطفى الرميد الوزير المكلف بحقوق الإنسان، أحمد رضا بنشمسي عن منظمة “هيومن رايتس ووتش”، خديجة الرياضي الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وأخيرا وليس آخرا يوسف الريسوني مدير المقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فهذا الأخير فضائحه لا تنتهي وانتهاكه لكل مبادئ حقوق الإنسان لا تنقطع، كأنه يصر أن يسمعنا شعارات رنانة ويأتي عكسها، وهو الذي يصدق فيه قول الشاعر:
ونراك تصلح بالرشاد عقولنا **** أبدا وأنت من الرشاد عديم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله **** عار عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك وانهها عن غيِّها **** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهذا المنافق وتاجر حقوق الإنسان تورط سابقا في واضحة النهار خلال شهر رمضان من سنة 2014 في فضيحة محاولة اغتصاب فتاة بالعنف داخل مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أو بالأحرى الجمعية المغربية لانتهاك حقوق الإنسان، وقد تم تهديد الفتاة وطردها للتكتم على الفضيحة، في هدر واضح لحقوقها.
أما آخر فضائحه فكانت ظهور اسمه فجأة ضمن لائحة الأسماء المقبولين بسلك الدكتوراة التابع لمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة محمد الخامس بالرباط، دون سلوك المسطرة القانونية المعمول بها للترشح للدكتوراة وخارج الآجال القانونية لذلك، وهو الأمر الذي أثار استنكارا كبيرا بين صفوف الطلبة وأساتذة هذه المؤسسة، كما يتداول الجميع أن ذلك تم بعد تدخل سافر من طرف شخصية حقوقية معروفة بالمغرب نزلت بكل ثقلها من أجل تسجيله محاباة له لاشتراكهما في نفس التجارة.
فصول جديدة من خرق للقوانين وهضم للحقوق التي تنص على المساواة وتكافؤ الفرص ورفض المحسوبية و”باك صاحبي”، حيث كان من الممكن أن يكون هذا الحق من نصيب طالب آخر أكثر كفاءة واستحقاقا، خصوصا وأن المنافق يوسف الريسوني سيء السمعة والسيرة بالجامعة، ويعرف عليه عدم احترامه للقانون الداخلي للمؤسسة وللمسؤولين بها، إضافة إلى التغيب الدائم والمتعمد في تفضيل وقح من هذا الأخير لممارسة تجارة حقوق الإنسان المربحة على الانضباط الدراسي، ورغم أن المصلحة المعنية بالجامعة نبهته غير ما مرة بضرورة الانضباط والحضور الإجباري للحصص الدراسية، غير أن هذا الأخير لم يكترث لذلك ولم يهتم بالأمر في استعلاء واضح على القوانين وعدم احترام حقوق الآخرين، ومن ذلك سفره في الفترة الدراسية من 18 إلى 26 أكتوبر 2018 إلى غامبيا لتمثيل جمعيته في لقاء لتجار حقوق الإنسان.
خرق بالجملة للقوانين وضرب بعرض الحائط للشعارات الحقوقية، ولو مقابل مكسب من قبيل التسجيل في سلك الدكتوراة بطرق ملتوية، والتباهي بلقب “سعادة الدكتور” حتى قبل مناقشة الأطروحة، مما ينم على أن “القضية فيها إن” وأن “الدكتوراة فالجيب” سواء حضر للحصص الدراسية أو لم يحضر.
من الواضح أن يوسف الريسوني وأشباهه من مرتزقة حقوق الإنسان، ممن يأكلون الغلة ويسبون الملة، الذين يمصون دم الوطن و المواطنين، مهما طال نفاقهم ونصبهم ، فلابد أن تظهر فضائحهم وينكشف أمر تجارتهم، ويسقطون كالثمار العفنة من أعين الشعب.