*عبد المجيد مومر الزيراوي
ما الفرق بين سيارة " JEEP " الرَّمادِيَّة و سيارة " JEEP " السوداء ؟!..يبدو الجواب جد واضحٍ :
فالأولى سيارة تُلامِس لون جهاز الدرك الملكي ، و تُستعمل في كثير من الأحيان لِضَبط و إحضار المتهمين إلى محاكم القضاء المُستَقِل. أمَّا تلك " JEEP " السوداء ؛ فَيَبْدُو – و الله أعلم - أنها تحمل رسالة ذات دلالة رمزية تُعَبِّر عن مدى استعداد و جاهزية ميليشيا تنظيم العدالة و التنمية للإطاحة بمفهوم دولة المؤسسات و الحق و القانون ، فَرُبَّمَا هِيَ جزء من أسطول السيارات رباعية الدَّفع المُخَصَّص لِتَأْمين عملية تسليم عناصر التنظيم المتهمين في جرائم القتل و إيصالهم تحت حصانة إخوانية ، قصد التأثير على حسن سير العدالة بمحاكم القضاء المُستَقِل.
و إذا كان جهاز الدرك الملكي يؤطر إختصاصاته و مهامه بالإمتثال و الخضوع لِقانون الدولة المغربية ، الذي يُحدِّدُ الدور الأمني لهذه المؤسسة الوطنية و يَبسط ما وَجَب إتباعه من إجراءات و مساطر بهدف حماية أمن الوطن و سلامة المواطنات و المواطنين.
فإن " فيلق النَّحْسْ" الأسود التابع لتنظيم العدالة و التنمية ، ظَهَر جُنْدُهُ في غزوة فاس - يومه الثلاثاء 25 دجنبر 2018 - قائمين باستعراض قُوَّتِهم التَّرْهِيبِيَّة تحت قيادة الفاتح بأمر اللاَّت عبد الإله بنكيران مع رَفْع لواء " البيجيدي حِزْبُكُمُ الأعلى ".
هكذا دخل غُزَاة " فيلق النَّحْسْ " مدينة فاس من أنفاق الترهيب المُظْلِمَة و سراديب الفوضى المُهَدِّمَة ، وعاتوا في القضاء تهديدًا وَ وعِيداً مع استحضار تام لصُورة ذاك الحزب الإرهابي المعلوم بالضاحية الجنوبية في لبنان.
فلا تسألوني عن سيميائية الخطاب بين ثنايا اللون الأسود ؛ لأَنَّ تفسيرَ المَقاصِدِ تَفْضَحُهُ بشاعة الصورة و ظلامية المَشاهِدِ.
بل إسألوني : لماذا غزوة فاس ؟!
إنها فاس القرويين : جامعة مذهب الإمام مالك و العاصمة العلمية التي تحمل بصمات التجدد الفقهي في ظل عبقرية الاعتدال المنبعث من مذهب إمام مدينة الرسول المُعلم صاحب الخُلُقِ العظيم.
إنها مدينة فاس التي يحتضن ترابها قبر العلامة الفقيه عبد الواحد إبن عاشر الفاسيّ منشأً وداراً ، صاحب منظومة المرشد المعين على الضروري من علوم الدين. والتي قال عنها تلميذه ابن ميَّارة أنَّهَا : " منظومة عديمة المثال في الاختصار ، و كثرة الفوائد و التحقيق..و الجمع بين أصول الدين و فروعه". و يُعد الفقيه إبن عاشر من كبار علماء المالكية، ولد في سنة 990 هـ ، وتوفي عام 1040هـ.
كما يُعَدُّ مَتْنُ ابن عاشر بمثابة العدو الفكري الأول لِدُعَاة جماعات الغلو و التكفير و التطرف و الإرهاب بربوع الدول المغاربية . لأن هذا المرشد المعين على الضروري من علوم الدين ، يتطرق إلى قواعد تَخُصُّ العقيدة السليمة ، حيث يقول عبد الواحد بن عاشر مُبْتَدِأً بسم الإلـــه القادر :
الحمد لله الذي علَّمَنا ... من العلوم ما به كلّفَنا،
صلّى وسلّم على مُحَمَّدِ ... وآلِه و صَحْبِه والمُقْتَدِي ،
وبعد فَالعَوْنُ مِنَ الله المجيد... في نَظْمِ أبيات للأُمِّـيّ تُفِيد ،
في عقد الأشعري و فِقْه مالك... و في طَريقَة الجُنَيْد السَّالِك !.
فالعقيدة الأشعرية و المذهب المالكي و التصوف السني شكلوا أسس التلاحم الديني في المغرب بشكل ساعد المغربيات و المغاربة على إجتناب شرِّ الاضطرابات والفتن التي شَقَّت صفوف الشعوب المُسْلِمَة نتيجة الحروب العقدية . كما أن العقيدة الأشعرية تُخَالِف منهجَ تكفير المُخالِف، و الذي ترتكز عليه عقائد الكثير من التنظيمات المؤدلجة للإسلام ، أو ما يجوز لنا تسميَتهُ بعقيدة الفِيزْيُون "إِخْوَانُوهَابِيَّة " التي جَدَّدَت تأصيلَها للعنف القُطْبِي و ضاعفت من ميزانية تمويلَها بعد تَأَثُّر منظري جماعة الإخوان بمخطوطات مثل :
– التوحيد الذي هو حق الله على العبيد لمحمد بن عبد الوهاب.
– الأصول الثلاثة والأصول الستة لابن عبد الوهاب، شرح العثيمين.
– الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك و الإلحاد للفوزان.
و كان أن قامت جماعة التوحيد و الإصلاح باعتبارها الحاضنة العَقَدية لتنظيم العدالة و التنمية ، بالترويج لحملة النقد الذاتي الصوري و "الدعوة الشكلية" إلى إجتناب الفكر المتطرف. حيث أقدمت على إشهار مراجعاتها و تسويق إفتراءات تَوْبَتِها عن إفك عقيدتها المتطرفة المُضَلِّلَّة. و خرج شيوخ الجماعة يتظاهرون بتغيير آرائهم العقدية الشاذة المُخَالِفَة لِمَا وَرَد في قول الفقيه العلامة عبد الواحد إبن عاشر دفين مدينة فاس، الذي أكد في مختصر نَظْمِهِ :
وقول لا إلـــه إلاّ الله .. محمد أَرْسَلَهُ الإلـــه
يجمع كل هذه المعاني .. كانت لِذا علامة الإيمانِ.
وهي أفضل وجوهِ الذِّكْــر .. فَاشْغل بها العمرَ تَفُزْ بِالذُّخْرِ.
هكذا إذن ؛ يشاء رب العالمين أن تنكشف خدعة إخوان المغرب المفلسين ، فَيَظْهر لنا الفاتح بأمر اللاَّت عبد الإله بنكيران و معه جُنْدُ اللاَّتِ المُختارون وَ هُم لِمَاضي سفك الدماء البريئة مُشتاقون... هكذا إذن ؛ يظهر لنا سفهاء الأحلام يَرْجِعُون عن سابق مُراجعاتهم الكاذبة ، وَ يُحاوِلُون نسخ حدود كبيرة قتل النفس بغير حق ، مع مَحو الأثر القانوني للجريمة الشنعاء التي ساهم فيها أخوهم المدعو عبد العالي حامي الدين مثلما جاء في قرار المتابعة القضائية.
ثُمَّ إنتظروا إنَّا معكم لَمُنْتَظِرُون ، إنتظروا لِتَرُوا كيف يَطغى في هذا الميزان جُنْدُ الفاتح بأمر اللَّات عبد الإله بنكيران ؟! ، إنتظروا لِتَرُوا كيف سَيَنْقَلِبُ مرتزقة الإسلام السياسي إلى تقسيم التوحيد من جديد و نسف مسار الإصلاح بالمختصر المفيد ؟! .
*رئيس الإختيار الحداثي الشعبي