كثيرون من وصفوا تصريحات قياديي “البيجيدي” الذين يسوقون فيها خطابا ويؤولونه بعكس مدلولاته بالحربائية، حيث يخرجونها عن سياقاتها كلما بدا لهم أنها تضعهم في قفص الاتهام، وتثبت ارتكابهم لأخطاء فادحة تكشف عن أجنداتهم التي يسعون من خلالها إلى الاستعلاء على المؤسسات في أفق الهيمنة على المشهد السياسي بالبلاد.
فبعد أن ندد المغاربة بتطاول حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة على القضاء، و”تسفيه” قيادييه لقرار قاضي جنايات فاس الذي قضى بإعادة محاكمة عبد العالي حامي الدين بتهمة المساهمة في قتل الطالب اليساري محمد بنعيسى آيت الجيد، استشعر “البيجيديون” خطورة فعلتهم التي ترتقي إلى مستوى الخطإ السياسي الجسيم ولذلك بدأوا في تسويق خطاب تبريري للتملص من تبعات هذا الخطإ غير المسبوق.
فها هي أمينة ماء العينين، النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، تخرج في تدوينة على صفحتها الشخصية بموقع “فيسبوك” تستبلد فيها ذكاء المغاربة، لتسقط المسؤولية السياسية والأخلاقية عن بن كيران الذي قال بخصوص محاكمة حامي الدين، “لن نسلمكم أخانا” زاعمة أن “ابن كيران لم يوجه هذه العبارة للقضاء ولا للدولة لأنه ببساطة أحد رجالاتها الذين مروا من موقع رئيس الحكومة وأمين عام أكبر حزب سياسي، وليس من موقع أدنى من ذلك، وبذلك سيصعب المزايدة عليه وعلى حزبه بتحدي القضاء أو الدولة”.
ماء العينين، لم تكتف بذلك فقط بل قفزت إلى الهجوم على كل من وجه انتقادات لغلطة “البيجيديين” في المس باستقلالية القضاء، حيث اتهمت ما أسمته “البعض” بـ”الركوب” على جملة ” قيلت في خطبة سياسية بمضمون واضح موجهة لأطراف سياسية وغير سياسية تقف وراء الحملة التي تشن على حامي الدين بالدليل المثبت لدى الخصوم قبل الأصدقاء”. والحقيقة أن هذه الأطراف السياسية وغير السياسة التي تعرفها أمينة لوحدها ويجهلها المغاربة لا علاقة لها بقرار إعادة محاكمة حامي الدين، لأن هذا القرار قرار صادر عن القضاء ليس إلا، وعليها أن تكشف من هي تلك الأطراف.
وحتى إذا سلمنا بما حاولت ماء العينين وغيرها من “البيجيديين” توضيح أن عبارة “لن نسلمكم أخانا” موجهة لتلك الأطراف السياسية فهذا يعني أننا نعيش في دولة “تحكمها الميليشيات” وليس المؤسسات، ما عدا إذا كان المقصود أكبر مما فُهم منها لأن ما حاولت تبريره صاحبة “تخراج العينين” قد يوحي بأن الجهة السياسية المقصودة بالعبارة هي من تتحكم في قرارات السلطة القضائية. وهذا ما قصدته آمنة النائبة البرلمانية، بشكل واضح وهي تختم تدوينتها بالقول “لأن الذين يتدخلون في القضاء ويؤثرون عليه حقيقة، لا يرون بالعين المجردة ولا تعلو حناجرهم في الشارع العام”.
فمن يكون هؤلاء الذين يتدخلون في القضاء ويؤثرون عليه حقيقة ولا يرون بالعين المجردة، يا ماء العينين!!؟
برلمان- ل.ب