استأثر الحادث الإرهابي الشنيع بمنطقة إمليل ضد سائحتين أجنبيتين باهتمام المؤسسة التشريعية، لكن لا أحد تساءل عن دور من ساهم بقسط أو آخر في صناعة التطرف في محاربة الإرهاب والتطرف. ويبقى السؤال الحرج والمحرج: أليس القتل على الهوية إرهابا؟ ألم يمارس عدد ممن هم اليوم في المؤسسات الديمقراطية القتل على الهوية داخل الجامعة وبالتالي مارسوا الإرهاب؟
أمس الثلاثاء انطلقت محاكمة عبد العالي حامي الدين، القيادي في العدالة والتنمية والمستشار البرلماني، بمحكمة الاستئناف بفاس بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد. بغض النظر عن الحكم الذي سيصدر في حقه والذي قد يكون البراءة فإنه تمت تصفية عدد من الطلبة اليساريين على خلفية هويتهم ومعتقداتهم، وبالتالي فإن هذه الممارسات تعتبر إرهابية. فالإرهاب هو القتل على الهوية. ولا يكفي اليوم التباكي كالتماسيح على جريمة هم من غدّا وجودها بخطابهم الإقصائي.
وفي هذا السياق تأتي إشارة وزير الداخلية حيث قال إنه مهما بلغت درجة فعالية المقاربة المعتمدة من طرف الدولة لمحاربة ظاهرة الإرهاب، فإنها تظل دائما معرضة للتشويش الناتج عن إصرار البعض على تبني مقاربة انتهازية، يجسدها سلوك بعض "التيارات"، داخل الوطن وخارجه، والتي تحرص على تبني خطابات عدمية تزرع الإحباط وتنشر ثقافة التيئيس لغايات مشبوهة.
فالمقاربة المغربية ثلاثية الأبعاد، تعتمد أولا وقاية المجتمع من المخاطر الناجمة عن استغلال الدين لتحقيق أغراض دنيئة، بعيدة عن قيمه السمحة، التي تعد إحدى الروافد الأساسية للمثل الإنسانية السامية، والتحلي بخطاب واضح من طرف الأفراد والجماعات على حد سواء، والالتزام بالثبات في المواقف بعيدا عن المتاجرة في القيم الأخلاقية. وهذا هو السؤال الذي يجيب عنه الإصلاح الديني. وثانيا التنمية البشرية من أجل تأهيل الإنسان والمجال لرفض الأفكار المتطرفة. وثالثا المقاربة الأمنية، التي أتت أكلها بشكل كبير، وأصبحت محط أنظار العالم.
المغرب اليوم يعتبر من الدول الرائدة في مكافحة الإرهاب، وخبرته القانونية والأمنية والدينية مطلوبة اليوم عالميا، وتم تقديمها في وقت سابق بالأمم المتحدة. وعدد من الدول تحاول الاستفادة من هذه التجربة. حتى الدول التي كانت ضد التجربة المغربية وعارضت قانون مكافحة الإرهاب عادت من بعد لتعترف بنجاعته.
التشويش عملية محسوبة أحيانا لكنها انتهازية في كل الأحوال. فحتى وسائل الإعلام تورطت في الانتهازية من خلال استغلال الحادث والقيام بمهام تشويشية. فما معنى أن تقوم وسيلة إعلام وأثناء التحقيق مع المتهمين باستجواب عائلاتهم ليقولوا إن أبناءهم يصلون ولا يستطيعون قتل ذبابة؟ أليس في ذلك تشكيك في العملية برمتها؟ فحتى عائلات بائعي الحشيش تنكر ذلك عن أبنائها. المحكمة وحدها تقول من هو بريء ومن هو مذنب. ما معنى أن تحوم حول الحادث وتأتي بتصريحات لا يفهم منها سوى تبرئة القتلة؟ هل هذه خدمة إعلامية أم تشويش على التحقيق؟