في تمييز الخطورة بين الإخوان المسلمين وداعش لا نفي لخطورة أحد التنظيمين وإنما فقط التفاضل في الخطورة، وهنا يعتبر تنظيم الإخوان المسلمين، الذي تمثله في المغرب حركة التوحيد والإصلاح وأداتها الوظيفية حزب العدالة والتنمية، أخطر من تنظيم داعش الإرهابي. وليس جديدا ما أفصح عنه جهاز المخابرات الألمانية، الذي قال إن التنظيم الإخواني أكثر خطورة من تنظيم داعش، هو فقط اكتشاف من قبل هذه الدولة ومن خلال تتبعها لهم، ولكن منذ زمن بعيد نبهنا إلى خطورة التنظيمات الإخوانية العلنية أكثر من نظيرتها التي تتبنى فكرا متطرفا مثل القاعدة وأخواتها وقبل حتى ظهور داعش.
لماذا الإخوان أخطر من داعش؟
لأن تنظيم داعش الإرهابي أفصح عن نفسه، وتبنى إدارة التوحش كمنهج في سلوكه اليومي، ويعتبر القتل وسيلة لتحقيق أهدافه، بينما تنظيم الإخوان المسلمين على العكس من ذلك، لا يتبنى مثل هاته المناهج، ولكن يقوم بالتلبيس الأخطر، حيث يستعمل مفردات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وينهل من معجم الليبراليين واليساريين، ويمزج في خطابه بين الديني والاجتماعي كي يفوز بالأصوات، التي تعاني من الحرمان، ولا ينقلب إلا بعد التمكين.
مرة تم تسريب شريط فيديو لراشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، في بداية ما يسمى ثورة الياسمين بتونس، كان في لقاء مع أبي عياض زعيم تنظيم أنصار الشريعة، وهو الجناح السياسي لتنظيم القاعدة التونسي، ونصحهم بالتريث حتى يتمكنوا ويصلوا إلى مبتغاهم وينفذوا مشروعهم، ومرت الأيام وانشق التنظيم عن القاعدة وأعلن انتسابه لداعش بعد ظهورها، وفتك بالجيش التونسي والتونسيين حتى أنه ذبح راعي غنم صغير السن في الغابة.
قبل انتخاب مرسي العياط رئيسا لمصر، قام تنظيم الإخوان بالتحالف مع اليساريين والشيوعيين والليبراليين ضد من سموه مرشح العسكر، لكن بعد فوز الإخوان شرعوا في تنفيذ الأجندة الخطيرة، وأصبحت الأوامر تأتي من محمد بديع وخيرت الشاطر ولا قرارات تخرج من مقر الرئاسة وتم الانقلاب على كل أسس الديمقراطية باسم الديمقراطية.
هذا المشهد يذكر بحركة هتلر المجنونة، الذي انتخب بشكل ديمقراطي مستشارا لألمانيا، لكن حول هذا التفويض الانتخابي إلى أعتى دكتاتورية في العالم.
عندما فاز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات التشريعية السابقة لأوانها سنة 2011، قام الإخوان خطباء لا ليتحدثوا عن فوز انتخابي قد يكون هزيمة في يوم من الأيام، والعودة من رئاسة الحكومة إلى المعارضة، لكن تحدثوا عن النصر والتمكين، وما زلنا نذكر الزيارة المشبوهة، التي قام بها عبد الرحمن المغراوي، زعيم التيار الوهابي بالمغرب، لبنكيران، حيث قال له: اضمن لي الدعوة للإسلام أضمن لك الحكم الأبدي. والدعوة للإسلام تعني هنا الدعوة إلى هذه التيارات.
ما جرى اليوم من تسخينات أعقبت إحالة حامي الدين على جلسة المحاكمة بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، هو نموذج للانقلاب الإخواني ضد مؤسسات الدولة، وجاءت الأوامر للهجوم على مؤسسة القضاء لأنهم يعرفون جيدا مقولة بنخلدون "العدل أساس الملك"، وكي يتم تدمير الملك يتم البدء بالعدالة التي دونها لن يقوم عدل في الأرض.