الطريقة التي تعامل بها "الإخوان" في حزب العدالة والتنمية مع قرار قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس، القاضي بإحالة عبد العالي حامي الدين، القيادي في العدالة والتنمية والمستشار البرلماني والمستشار الجهوي، توحي بأن الحزب لا يعترف بالقضاء إلا لما يكون في خدمته أو لا يتابع أبناءه. قضايا كثيرة ومحاكمات كثيرة تمر يوميا لا ينتفض لأجلها الحزب الذي يدعي تمثيل الشعب. لكن محاكمة واحدة حركت أركانه.
بمجرد ما تم الإعلان عن متابعة عبد العالي حامي الدين، بتهمة المشاركة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، حتى تداعت قيادة الحزب ووزراؤه للتنديد بالقرار واعتباره انحرافا خطيرا كما جاء على لسان مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، الذي شكك في المسار الحقوقي للمغرب وقال إنه ما زال أمام المناضلين وقت طويل لتحقيق مبادئ حقوق الإنسان.
واجتمعت الأمانة العامة للحزب برئاسة الأمين العام سعد الدين العثماني، الذي هو في الوقت ذاته رئيس الحكومة، بما يعني ويدل على أن الجماعة (التوحيد والإصلاح وأداتها الوظيفية المصباح) تستغل كل الأدوات، التي منحها إياها التمكين الحكومي للدفاع عن شخص متهم بالمساهمة في القتل.
وترافع الرميد، في تدوينة على صفحته بالفيسبوك، ضد هذا القرار، وحبذا لو غادر الحكومة وترافع في المحكمة دفاعا عن حامي الدين، بدل اللعب على الحبلين، واعتبر إعادة محاكمته مخالفة للمادة 14 من العقد الدولي للحقوق المدنية، وهنا استقواء بالقانون الدولي، حيث قال إنه لا يجوز محاكمة شخص بالتهمة نفسها مرتين. القضية هنا أن التهمة الحالية ليست هي التهمة الأولى. المتهم تحايل على المحققين في المحاكمة الأولى وزعم أنه رفيق للقتيل مما أبعد عنه التهمة، أما اليوم فالعائلة وجدت في المحاضر هذا التصريح وهو كان معروفا بانتمائه للتيار الإسلامي مما دفعها للمطالبة بالتحقيق من جديد. التهمة الحالية المساهمة في القتل وفي الألوى المشاركة في مشاجرة أدت إلى وفاة.
ما وقع اليوم، من اجتماع للأمانة العامة وتصريح الرميد، الذي سيعود للموضوع، وغيرها من الهجومات تقول إن الجماعة تؤمن أن الحزب قبل الوطن وفوق القانون.
البيان الصادر عقب اجتماع الأمانة العامة، جاء بمثابة رفع العتب، لأن الجماعة التي ألفت الولغ في المال العام والاستفادة من المنافع لن يكون بمقدورها اتخاذ قرار جريء أكبر من ذلك، لكن تضمن التدوينة الغاضبة لمصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، التي هاجم فيها القضاء ووصفه بالانحراف. ولا معنى للمخاتلات اللغوية في البيان، الذي يشيد بالتقدم الذي عرفته بلادنا فيما يخص حقوق الإنسان، لأن الكلام ذاته قاله مصطفى الرميد في مارس الماضي، حيث هاجم المشككين في استقلالية القضاء واليوم عاد ليهاجم القضاء ويعتبره منحرفا.
لم يبق أمام الرميد سوى تقديم استقالته كي يتسنى له ارتداء بذلة المحاماة للدفاع عن صديقه حامي الدين.