محمد البودالي
تعاملت الجمهورية الفرنسية، مهد الديمقراطية والحضارة في القارة الأوروبية، بحزم كبير، وقبضة من حديد، مع ما بات يعرف بـ"حراك فرنسا"، بل إن وزيرا في حكومة ماكرون، صرح أمام الإعلام، بأن فرنسا تتعرض لمخطط راديكالي من أجل إسقاط النظام.
ورغم أن محتجي "السترات الصفراء" لم يرفعوا لا علما أجنبيا ولا شعارات عنصرية أو انفصالية تستهدف وحدة فرنسا أو تهدد أمنها، إلا أن القوات العمومية والسلطات الأمنية والقضائية الفرنسية تعاطت مع هذا الحراك بالكثير من العنف، وهو عنف دولة مشروع بقوة القانون، في حين بلغ عدد المعتقلين أزيد من 1385 شخص، في حصيلة مؤقتة مرشحة للارتفاع.
هذا التعامل الأمني الحازم الذي صدر عن فرنسا العريقة في الديمقراطية، لم يصدر البتة عن المغرب خلال ظهور ما عُرف بـ"حراك الريف" أو جرادة، ولم يصل عدد المعتقلين إلى هذا الرقم، في حين أن العدد المرتفع الذي تم تسجيله، هو في صفوف القوات العمومية، حيث تعرض المئات لإصابات متفاوتة الخطورة من طرف محتجين انفصاليين يرفعون علما مشبوها غير علم المغرب.
ورغم كل ذلك، فقد تعرضت المملكة المغربية، وما زالت، لحملة ممنهجة من جهات داخلية وخارجية تؤيد الانفصاليين بالنظر إلى ما يجمع الكل من قاسم مشترك هو السعي إلى إحداث البلبلة والتفرقة في صفوف المجتمع المغربي، في انتظار المرور إلى ما هو أخطر.
ورغم كل ذلك، فقد أبدى المغرب صدرا رحبا مع مطالب الانفصاليين، وتعامل مع مطالبهم بالكثير من المرونة وسعة الصدر، كما استجاب لكل الطلبات التي صدرت عنهم.
ولعل من أبرز الملاحظات التي سجلناها في الحراك الفرنسي، أن المواطن الفرنسي فخور ببلده ومتمسك بوحدته حتى وهو في عز الانتفاضة. كما أن المواطن الفرنسي لا يستقوي على بلاده بالخارج حتى وإن نالت منه هراوات قوات الأمن كما شاهدنا وشاهد الجميع في باريس.
نعم لاستيراد دروس الفيزياء الفرنسية ودروس تقنية النانو، وكل درس فرنسي مفيد أهلا به، أما مجاراة دروس الشغب والتخريب واستيرادها وتقديمها مغلفة بلفائف مطلبية حقوقية فهذا أمر غير مرحب به، لا في المغرب، ولا في فرنسا أو أمريكا، أو العالم بأجمعه..
مرحبا بأي مطلب اجتماعي محض وخال من أي خلفيات سياسية تخريبية، والعصا لمن يعصى.