تفرض الخصومة السياسية الاعتراف للآخر بما هو إيجابي، لكن جماعة العدل والإحسان اختارت أن تستعير "عين موكة" للنظر إلى الواقع الحقوقي بالمغربي، وقالت في وثيقة أصدرتها بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، إن البلاد "تعرف انتكاسة حقوقية تؤكدها العديد من تقارير المنظمات المحلية والدولية، وشهادات الضحايا المؤكدة لانتهاكات متنوعة شملت الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
وبالمناسبة فإن وثائق الجماعة وبياناتها هي من باب "الكوبي كولي"، أي البيانات التي لا يتغير فيها سوى تاريخ الإصدار، أما الباقي فهو الكلام نفسه الذي يلوكه التنظيم، فبعد أن عايش كل التحولات العالمية بقي هو صامدا في كهفه لا يخرج إلا بالليل لرؤية الأحداث، مثل "البومة"، التي يستحيل أن ترى بالنهار. فكيف لجماعة لا تعترف بالتطور الحقوقي في المغرب أن تتحدث عن الانتكاسة؟ أليست البلاد مجرد ظلام في ظلام؟ المنافق يفضحه لسانه.
وعادت الجماعة إلى ما تم تداوله في وسائل الإعلام وأشارت إلى محاكمة معتقلي الحسيمة وأحداث جرادة، كما تحدثت عن اعتقال صحفيين ومدونين وأصحاب الرأي.
الموضوعية تفرض على الجماعة أن ترى الواقع كما هو، فقبل اعتقال المحكومين في أحداث الريف مرت ثمانية أشهر، تميزت بضبط النفس من قبل المؤسسات، وقدمت الدولة كل الحلول الممكنة للمشاكل وفتحت باب الحوار، الذي رفضه "الحراكيون"، ولم يتم الإقدام على اعتقال بعض الأشخاص إلا بعد تورطهم في التآمر على الاستقرار والأمن، وتجلى ذلك في إحداث الفوضى ومهاجمة عناصر حفظ النظام وإحراك سيارات المصلحة ومن بينها سيارات الأمن والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
الجماعة لم تنس نفسها حيث سردت ما أسمته مجموعة من الانتهاك، التي تعرضت لها من بينها، المحاكمات السياسية، والإقصاء من التوظيف، وعدم التراجع عن قرارات الإعفاء الجائرة، وترسيب الناجحين، والاستهداف الضريبي التعسفي، والبيوت مشمعة والجمعيات ممنوعة، وكذا التخييم والاعتكاف.
لم يعرف المغرب محاكمة سياسية لعنصر من العدل والإحسان، إلا إذا كانت تريد التسويق لمحاكمة بعض المتورطين منها في جنح على أنها محاكمات سياسية، ويتولى كثير من أعضائها وحتى قيادييها مناصب في المؤسسات العمومية، أما قصة البيوت المشمعة فهي مضحكة للغاية، لن الأمر يتعلق ببناء تم تحويله إلى دار للعبادة دون خضوعه للمعايير المعمول بها.