قال توفيق بوعشرين، مالك أخبار اليوم واليوم 24 وسلطانة، "أصعب شيء يعذب السجين هو إحساسه بأن تضحياته تذهب سدى، ويبدأ صوت داخلي يقول له فيما يشبه التيئيس: لا يمكنك أن تساعد شعبا لا يرغب في مساعدة نفسه". الكلمة المذكورة نشرها بوعشرين في أعلى الصفحة الأولى من صحيفته لعدد يوم الاثنين الماضي. هذه الكلمة حركت مشاعر شيخه عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق للعدالة والتنمية ومؤسس مجموعة التوحيد والإصلاح، واتصل بأحد أتباع الصحفي المعتقل ليقول له: إن عددا من الأنبياء سيأتون يوم القيامة ليس معهم أحد، حيث لم يتبعهم واحد من الناس ولم يتسرب إليهم اليأس دفاعا عن رسالتهم. ألا يحب توفيق أن يكون واحدا منهم؟
في هذه القصة عجائب وغرائب. فبوعشرين يزعم أن الشعب الذي حاول مساعدته لا يرغب في ذلك. كل ما نعرف أن الصحفي، المعتقل المحكوم ب12 سنة سجنا في قضايا تتعلق بالاتجار في البشر والاغتصاب، لم يكن "مناضلا ثوريا" ولا مناضلا إصلاحيا، ولكن رجلا يبحث عن المال بأية طريقة حتى لو كان ذلك على حساب بلده ولو كان ذلك بالتآمر مع تنظيم الإخوان المسلمين.
عن أي شعب يتحدث بوعشرين؟ هل هو الشعب الذي كان استقراره وأمنه مهددا من قبل الدولة الراعية للربيع العربي والتي يعتبر توفيق أحد خدمتها؟
والشيخ بنكيران نام كثيرا ولما استيقظ "فاق مقلوبا". لقد سكت دهرا عن جرائم الصحفي التي سارت بذكرها الركبان، وتحدث عنها الإعلام العالمي، وأزعجت الإخوان، الذين رفعوا شعار "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما"، ولما تكلم اخترق العقيدة التي تنص على عصمة الأنبياء، الذين لا يمكن تشبيه شخص بهم حتى لو كان وليا لله، فما بالك بشخص تأكد تورطه في جرائم جنسية وفي الاغتصاب والاتجار في البشر؟