لم يعد خافيًا على أحد أن منظمة هيومن رايتس ووتش أداة وظيفية لاستغلال الدول والشعوب، ومزاعم الدفاع عن حقوق الإنسان مجرد خدعة كبيرة، ظهر عوارها في كل الأحداث التي عرفها الغرب، إذ إن هذه المنظمة متخصصة في دول العالم الثالث بل في صنف من الدول لا تمتلك نفطا ولا غازا، ويكفي أن المغرب يعتبر تخصصا لهذه المنظمة بينما بعض جيراننا، الذين يدفعون من عائدات النفط والغاز لا تكتب عنهم، أما الدول الغربية، التي تقوم باستعباد الناس وبيع السلاح الذي يدمر العالم والشعوب فهي لا تتحدث عنها.
اختارت هذه المنظمة مرحلة محاكمة المحكومين من حراك الريف استئنافيا لتصدر تقريرا يزعم تعرض هؤلاء المعتقلين للتعذيب داخل السجن. المغرب ليس مختلفا عن باقي دول الدنيا، التي يمكن أن تقع فيها تجاوزات، لكن لا أحد يدعي اليوم أن معتقلي الحراك تعرضوا للتعذيب، وتم عرض ملفهم على الخبرة الطبية التي فندت كل الادعاءات السابقة.
استباق حدث المحاكمة الاستئنافية محاولة للتأثير على القضاء، خدمة لعملاء المنظمة بالمغرب، حيث لا تكلف هذه الأخيرة نفسها عناء قراءة بيانات الحقيقة، الصادرة عن المؤسسات المعنية، ولا تهتم بالتوضيحات النافية لممارسة التعذيب، بل لم تعر اهتماما للتقرير الذي أصدره المفوض الأممي حول السجون، الذي نفى فيه أن يكون التعذيب سياسة ممنهجة وأن ما وقع حالات منفردة جدا تعاملت معها السلطات المختصة بما يلزم من قوانين وترتيب العقوبات على المتورطين فيها.
كل هذا لا ترغب المنظمة في معرفته بتاتا، ولا يهمها الاتصال بمن يعنيهم الأمر لتضمين وجهة نظرهم في تقاريرها، بل تكتفي بما يصلها مكتوبا من جمعيات حقوقية لا ترى إلا بعين "البومة"، التي تخرج ليلا ولا ترى أشعة الشمس نهائيا، وكل هذه التحولات بالنسبة إليها غير مقنعة.
بين منظمة هيومن رايتس ووتش والمغرب لا يمر الهواء. لأنها اختارت ابتزاز الدول والمغرب ليس لديه السيولة التي يسكت بها هذه المنظمة مثلما يفعل آخرون لديهم عائدات النفط والغاز.
قليل من الناس من ما زال يثق بتقارير هذه المنظمة، لأنها عاجزة عن متابعة الأحداث في مجموعة من الدول إما لأنها تدفع مقابل السكوت أو أنها غير معنية بتيار غربي يستهدف مجموعة من البلدان.
لم ترغب هذه المنظمة في يوم من الأيام في زيارة المغرب والاطلاع على ما يجري داخله، ونستغرب كيف لمنظمة حقوقية تدعي الموضوعية لا تعتني بوجهة النظر المخالفة، ولا يهمها بتاتا الرأي الآخر. وكان بالإمكان أن تتضمن تقاريرها الرأي والرأي الآخر. رأي الجمعيات ورأي المؤسسات، لكن هذه المنهجية غير مربحة، ولا يمكن للموضوعي أن يكون بائعا ومشتريا.
إذن أن يصدر التقرير بالموازاة مع انطلاق المحاكمة الاستئنافية لمعتقلي حراك الريف يؤكد بالملموس طبيعة المؤامرة في الملف والاستغلال البشع للقضايا الاجتماعية.