عبدالعزيز المعداني
إذا كان الحلاج قد قال "ما في الجبة غير الله"، فإن الأمر بالنسبة للعدل و الإحسان، هو ما "في الجلباب غير الشيطان".
والاكيد أننا امام شيطان كبير، وليس أخرس، بل يفيض منطوقا لا يمكن الشك في سفاهته.
اليوم تخرج الجماعة بتقرير أو بلاغ أو مسودة حقد، لتخلص ببساطة إلى أن المغرب يعيش حالة نكوص لا مثيل لها في ما يخص حقوق الإنسان.
الجماعة تخبط خبط عشواء، يمينا وشمالا، مثل الأعمى الأرعن الذي وجد نفسه دون بصر، فظن أن الكل في الظلام.
في بعض الأحيان يبدو أن الزمن يفقد بريقه، حين يعيدنا البعض إلى حديث من قبيل "هل المغرب ديمقراطي". السؤال في حد ذاته إهانة كبيرة لمسارنا المغربي الحافل بالعطاء الحقوقي، والمتألق في عطائه ونموذجيته بالنسبة لكثير من بلدان العالم.
طبعا هؤلاء يحاولون إعادتنا إلى نقاش عقيم انتهينا منه منذ سنوات طويلة جدا. يحاولون فقط، ولا يستطيعون ذلك مطلقا. فالمغاربة رغم كثرة أعطابهم اليومية مع المعيش إلا أن ثوابتهم تظل راسخة.
الغريب أن الخطوات الحثيثة التي قطعها المشهد الحقوقي و السياسي والاقتصادي، والمسافة التي قطعها، وقطع من خلالها مع ممارسات و تساؤلات من هذا القبيل، تبدو بالنسبة للبعض قابلة للطي و النسيان.
فهل محاكمات مخربي الحسيمة سياسية؟
هل محاكمة بوعشرين سياسية؟
هل صار المغرب أرض قاحلة من الإنجازات على كل المستويات؟
كثيرة هي الأسئلة التي تجعلنا نراجع أنفسنا ونقول أبدا، هؤلاء الذين يدينون بالولاء للظلام، لا يمكنهم أن يروا النور، يمكنهم أن يعكسوا واقعنا مطلقا..
فخير رد عليهم هو القيام بجولة على الصعيدين الزمني و الجغرافي، جولة في تاريخ المغرب مند أول إنتخابات إلى الآن، جولة عبر قارات المناضلين، ومجرات السياسيين وقمم المكاسب الحقوقية.
وجولة في جغرافية المغرب، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، ولنستقل "البراق" مثلا، أو ربما الأفضل لهم أن يركبوا دوابهم التي تخاف مزالق الحداثة..