عبدالعزيز المعداني
بقراءة أولية لنص التقرير الذي دبجته "جماعة العدل و الإحسان"، أول ما يثير الفضول الكلمة الافتتاحية للتقرير، وهي "حبل التقرير السياسي الصادر.." الاتفاق كامل ولا لبس فيه، من كون التقرير حبل بالفعل، وتمخض فولد التضليل. وجاء بترهات لا علاقة لها بواقع الحال المعيش في المغرب. فتلك المحاور التي قيل ان التقرير توزع عليها، هي في الأصل "مخاور"، والكلمة مشتقة هنا من "التخوار"، ليس في مؤخرة شيء ما، بل "تخوار في الهضرة". ونعتدر عن مثل هذه المصلحات التي لا بد منها لمواجهة هذا الذي يغشى نهارنا بليل لا قبل لنا به، وشمينا أقوى منه.
التقرير في ديباجته التقديمية، قال أنه ناتج عن "مواقف سياسية واضحة وبتحليل معزز بأفكار عميقة ومعطيات محينة تغطي السنة الجارية 2018". لا خلاف في ذلك أيضا، فالمواقف السياسية "للجماعة"، لم تحد عن اعوجاجها، أبدا وهذا يحسب لها، فهي وفية وفاء الذيل الذي لا يريد أن يستقيم، والكل يعرف أي ذيل نقصد، اما الافكار العميقة، فالعدر على الحاسوب، والرقانة الخاطئة، لأن القصد هي الأفكار العقيمة التي لم تثمر مند سنوات سوى الترهات.
"حكماء الجماعة"، الذين صاغوا التقرير، يعلمون علم اليقين أن الكاذب مثواه النار، وأن المدعي الذي يحول الباطل إلى حق لا مكان له امام عرش الرب، ورغم ذلك فقد غامروا في سبيل "الجماعة"، وضحوا بالجنة، من اجل خاطر من يمولونهم ويعطونهم خبزهم كفاف أيامهم ولي يومهم، وهم يعلمون علم اليقين أيضا، أن هذه المغامرة محسوبة بدقة ولا مجال فيها للخطأ، فالفقيه الذي يترك الصلاة من أجل "زردة" عابرة، يصاب بالتخمة لمنه لا يجوع، وهم لا يريدون للجوع أن يعرف طريقا إلى بطونهم.
لكن الذي يثير، في التقرير، هو تخصيصه جزئه الصادر اليوم للشباب، نعم الشباب، ويأتي هذا بعد موجة الساعة الإضافية، وركوب البعض على إحتجاجات بريئة تحولت بفعل فاعل إلى شيطنة، يأتي هذا التخصيص الشبابي، في وقت حوكم فيه مخربوا الاملاك العمامة في الحسيمة بجرم يعاقب عليه القانون، يأتي أيضا في وقت حوكم فيه مدير بسبب "حجره" وليس بسبب حرية التعبير.
كل هذه معطيات يجب الوقوف عليها بدقة، وإستحضارها من أجل فهم السياق الأساسي لهذا "التقرير" الذي هو محاولة تغرير بواقع يقول عكس ما يدعون.
لندخل إلى التقرير الان، ونلاحظ إتيانه بأرقام ونسب عن بطالة وامية الشباب، حين يقول "الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة، لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين خلال سنة 2017". والحقيقة أن هذه الأرقام قد تكون صحيحة وقد تكون موضوعة في المكان الخطأ من اجل الوصول إلى القصد الخطأ طبعا. لكننا نقول لهم أن نسبة كبيرة من الشباب، انتم من فرش لهم "الكراريس" وأعطاهم الأشرطة الدينية، والتسابيح والمسك و"عود القماري" أي عود الند، والسجادات، وقالوا لهم سيحوا في شوارع المغرب من أجل الموعظة اولا ومن اجل كسب لقمة العيش. "الجماعة" هي التي جعلت من شباب في عمر الزهور، يرتدون اللباس الأفغاني، ويرفعون صوت آلة التسجيل وهي تصرخ بالفتاوى و الوعيد. "الجماعة" هي التي أجمعت على "دروشة" الشباب، ورميهم في ركن "القناعة"، بعشرين درهما يجنونها من بيع قنينة مسك رخيصة أو سبحة مزيفة أو شريط داعية مدعي.
لذلك لا حاجة لنا بالمزيد، فالرسالة تهر من عنوانها، والبيت علامته في بابه، ولا يجوز الدخول إلى بيت لا مكان فيه لسقف يظلل ساكنه من نيازك التفاهة و وشهب المغالطات وبرق "التخربيق" نكتفي منكم بما بدا ونستغفر الله لكم، من ذنب بحجم الوطن، لا يغفره الله فحب الأوطان من الإيمان..