بشرنا سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بمحاولة اختراق حزبي للمشهد السياسي الجزائري، من خلال التواصل مع أحزاب من الجارة، وذلك عقب الخطاب الملكي بمناسبة المسيرة الخضراء، الذي دعا فيه الجزائر لفتح حوار مباشر مع المغرب دون وساطات، وتوجه جلالته رأسا إلى قادة الحكم في هذا البلد، لأنه يعرف أن المدخل الحقيقي يوجد هناك، أمام الأحزاب لا يمكن أن ننتظر منها أكثر مما هي مؤهلة للقيام به في ظل نظام يحكمه العسكر من خلال واجهة مدنية.
بعد بشرى العثماني الأمين العام لحزب الإسلاميين ننتظر موقف وبشرى العثماني رئيس الحكومة، باعتباره مسؤولا عن الديبلوماسية باعتباره منسقا لأشغال الحكومة، التي يوجد بها وزير للخارجية هو رئيسه المباشر.
الديبلوماسية من أكثر المجالات خداعا. هي ميدان للعبة الأمم. وبالتالي لا يمكن التعويل على من "خرج من الخيمة مائلا". ليس تجنيا على العثماني، ولكن إن كان ناسيا نذكره. العثماني كان رئيسا للديبلوماسية في أول حكومة يترأسها حزب العدالة والتنمية بزعامة عبد الإله بنكيران. ماذا قدم في هذا المجال؟
ارتكب العثماني العديد من الكوارث وهو وزير للخارجية مما جعله يسقط في أول تعديل حكومي، ولبس الجلابة ليلقي دروس الوعظ وسط التوحيد والإصلاح، وكاد يكون رئيسها لولا مناورات "صديقه اللدود" عبد الإله بنكيران.
في أول أيامه بالوزارة ذهب إلى الكويت، بصفة وزير الخارجية لا بغيرها، وعندما وصل لهذا البلد ارتدى جبة الإسلامي وترك قضايا المغرب العديدة، وفضل عنها قضايا الحزب حيث التقى زعماء الإخوان المسلمين، وكان واجب التحفظ يفرض فيه ألا يلتقيهم خصوصا وأنهم كانوا على خصومة مع بلدهم. وتسبب في إعفاء السفير المغربي هناك، وكاد يتسبب في أزمة ديبلوماسية بين بلدين شقيقين تربط بينهما أواصر كثيرة.
وفي عهد العدالة والتنمية، تم رفع شعار رابعة الإخواني من قبل المسؤولين الحكوميين من العدالة والتنمية. في وقت يبحث المغرب عن الأصدقاء كادت ديبلوماسية الحزب الإسلامي أن تتسبب في قطع علاقات، وما الديبلوماسية إلى ربط العلاقات وليس العكس.
العثماني سيذهب إلى الجزائر. فلنذكره إذن لعل الذكرى تنفع الإخوان. أيام كان وزيرا للخارجية التقى عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الجزائري. خرج ليعلن أنه جالس الرئيس لمدة ثلاث ساعات وأن كل القضايا العالقة سيتم حلها. نسي العثماني أن محمد بن عيسى وزير الخارجية الاسبق جلس معه سبع ساعات وقدم له فراشه الشخصي الذي اشتراه من المغرب. ولكن هذا لا ينفع في القضايا الكبرى. فلا بوتفليقة يحكم ولا الأحزاب قادرة على التأثير.
المعادلة في الجارة معقدة جدا. نظام عسكري بواجهة مدنية. وماذا الأحزاب السياسية أن تعمل؟ كما أن الأحزاب التي يربط بها علاقة بسيطة وصغيرة، وهو حزب منشق عن حزب إخواني، وبعض الأحزاب غير الفاعلة من جهة والتي ليس لها موقف معادي للمغرب. نتمنى أن يكون العثماني قد استفاد من دروس الماضي وأن يسعى إلى استكشاف رؤى المشهد السياسي الجزائري لا أن يذهب ويعود بخطاب تبشيري غير حقيقي.