الراية رمز من رموز الوطن، بل هي أحد مكوناته التي لا يمكن التخلي عنها. ولهذا أي بلد يقدم على تعديل شكل العلم الوطني يقيم استفتاء شعبيا على ذلك، لأن الأمر مصيري. ولا يمكن لأي بلد أن يسمح بتمريغ رايته في التراب. والمس بالعلم هو مس بكل أجزاء الوطن. هو مس بالدولة والشعب والحدود. فالانفصالي الذي يطالب بانتزاع جزء من تراب الوطن لا يختلف في شيء عن الذي يحرق العلم الوطني.
الذين أحرقوا العلم الوطني، كبرت سنهم أو صغرت، هم مجرمون في حق الوطن ولابد من نيل جزائهم وفاقا. فالعلم لونه أحمر، لون الدم الذي روى الأرض من أجل الحرية والكرامة، ومن أجل معركة التحرير والوحدة، ومن أجل أن يعيش العابثون أنفسهم بأمن وأمان. هو لون الشهداء، الذين استرخصوا أرواحهم وحملوها على أكفهم وقدموا التضحيات الغوالي من أجل وطن حر وكريم.
في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، حاورت الدولة جميع أطياف المعارضة، بغض النظر عن الأخطاء التي وقعت، والتي تمت معالجتها من خلال هيئة الإنصاف والمصالحة، لكن لم يكن هناك حديث مع من ساند الانفصاليين ومرتزقة البوليساريو حيث كان المغفور له الحسن الثاني يرفض أمام حكام العالم أن يكون هؤلاء معتقلين سياسيين خصوصا أمام صديقه فرنسوا ميتران، الذي كانت زوجته من مساندي الفئتين.
كانت المدرسة العمومية في المغرب تبدأ يومها الدراسي بتحية العلم في صفوف متراصة ومنضبطة، تعلم الوطنية واحترام الوطن ورموزه. فالاختلاف والخلاف مع المؤسسات لا يعطي لأحد الحق في الطعن في رموزه. والرموز هي ركائز مؤسسة وليست ديكورا لتأثيث هذا الفضاء الذي يسمى وطنا. فالعلم مثل الحدود. من يسمح في علمه يسمح في حدوده الترابية، التي ناضل من أجلها أجدادنا وآباؤنا وقدموا الغالي والنفيس.
الاحتجاج حق مشروع. لكن ليس من حق أحد أن يخالف القوانين الجاري بها العمل. تلاميذ قاموا بتخريب الممتلكات العمومية وأوقفوا حركة السير وقاموا بأفعال صبيانية. القانون كفيل بإعادة تربية من كان ناقص تربية. ولا يمكن التساهل مع المتلاعبين بأمن الوطن ورموزه حتى لو كانوا صغارا فالإصلاحيات قادرة على التكفل بهم، وإلا سيتم استغلال القاصرين في كافة الجرائم دون أن ينالهم عقاب بدعوى صغر السن.
السكوت عن تمريغ العلم الوطني سكوت عن جريمة، ولا علاقة له بحرية التعبير كما يريد أن يصور البعض الموضوع، لأن القضية ليست من هذا المستوى، ولكن هناك عبث وبلطجة لتلاميذ ينبغي أن يتعلموا تحمل مسؤولية سلوكاتهم قبل أن يكبروا ويشبوا على الفوضى.
ما جرى يستحق وقفة تأمل قوية. بعد ترتيب الجزاء الجنائي على مرتكبي الأفعال الإجرامية ينبغي محاسبة الأحزاب السياسية والجمعيات، التي تحصل على المال العام لكنها لا تساهم في تأطير المواطن ومن بينهم التلاميذ وتتركهم عرضة للضياع حتى يرتكبوا مثل هاته الحماقات.