تضامن كثيرون مع توفيق بوعشرين، مالك أخبار اليوم المحكوم على ذمة الاتجار في البشر. وتضامن كثيرون مع ضحاياه. التضامن مع الضحية مفهوم في كل بقاع الدنيا، أما التضامن مع الجلاد فغير مفهوم. والاغتصاب نوع من القمع والقتل أيضا. لابد من فهم طبيعة هذا التضامن. يمكن أن يكون مقبولا في حدود المطالبة بالمحاكمة العادلة للمعني بالأمر، والحرص على توفير شروط الدفاع بحرية، ويمكن الاحتجاج إذا زاغت المحكمة عن أهدافها، ولم تلتزم بالقوانين الجاري بها العمل أو لم توفر ظروف الترافع الحر وفق القواعد المنظمة للمهن المساعدة للقضاء.
ولقد حرصت المحكمة على أن توفر كل شروط التقاضي المنضبط بقواعد القوانين، سواء من حيث احترام الأشكال القانونية، حيث استجابت لطلب دفاع المشتكى به بأن يكون عرض الفيديوهات الجنسية في جلسات سرية، أو في الخضوع للتدابير القانونية فيما يتعلق بتدقيق المعطيات وشهادات الإثبات من قبيل نسبة أشرطة الفيديو إلى صاحبها توفيق بوعشرين، والتي تم اختبارها في مختبر علمي تابع للدرك الملكي مشهود له بالشهرة والسمعة والكفاءة.
لكن فئة من "المناضلين" اختارت ألا تستمع لصوت الحقيقة ولا أنين الضحايا ولكن استجابت فقط لبكائيات المشتكى به، الذي روج لانتقام الدولة منه لأنه صوت مزعج مع العلم أنه لم يكن مزعجا إلا لنفسه، ولو اختارت الحياد لكان أفضل لها وللمشهد الحقوقي.
لكن دعونا نعرف من هم المتضامنون مع بوعشرين وما هي خلفياتهم وهل هم مبدئيون أم مصلحيون؟
من خلال استقراء العينة التي تضامنت مع بوعشرين، نجد صنفين، الصنف الأول لا مشكل معه، وهم مناضلون مبدئيون لكنهم ملتبسون، أما العينة الثانية فهم مصلحيون ولا يعنيهم بوعشرين لا من قريب ولا من بعيد.
على رأس هؤلاء يوجد عناصر من العدل والإحسان، من بينهم عمر إحرشان وحسن بناجح، وأمرهم واضح فهم ضد قوانين البلاد، وكلما تم اعتقال واحد منهم خرجوا ليتحدثوا عن انتقام الدولة منهم. واعتقال أغلبهم بتهم جنسية أو شيكات دون رصيد.
وثاني المتباكين بل سقطت دموعه مثل الحجر كما يقال هو عبد العالي حامي الدين، الذي يجر وراءه جوقة كتائب الولاية الثالثة بالعدالة والتنمية، وهو يعرف أن "السمطة" قريبة منه، لأنه متابع في ملف أثقل بكثير من ملف بوعشرين، وبالتي قد يطول مكوثه في السجن بعد خروج صديقه، لأنه متابع بتهمة قتل طالب يساري بداية تسعينيات القرن الماضي.
ثالث المتباكين المعطي منجيب، صاحب شركة حولها إلى مركز للدراسات وحصل بواسطتها على أموال الدعم من الخارج، ولهف كل شيء، ويزعم أنه مضطهد رغم أنه يتجول بحرية بين مقرات الجمعيات ومنزله بالهرهورة وضيعته ببنسليمان. منجيب متابع في ملف التآمر مع جهات أجنبية وهو أيضا يتحسس رأسه.
هؤلاء عينة فقط من المتضامنين وباستقراء باقي النماذج يتبين أن لكل واحد مصلحة خاصة ولا يهمهم أن يسجن بوعشرين عشرات السنين الأخرى.