القرار الذي أصدره مجلس الأمن أول أمس بخصوص قضية الصحراء المغربية، والقاضي بتمديد مهمة المينورسو لمدة ستة أشهر، يحمل في طياته إشارات قوية إلى ضرورة وضع الأطراف المعنية بالصراع في موقعها الحقيقي، والإنهاء مع حالة التهرب التي تمارس منذ أكثر من أربعين سنة. فماذا بقي أمام الخصوم؟
القرار كرس دور الجزائر كطرف رئيسي في العملية السياسية الرامية إلى إيجاد "حل سياسي، واقعي، عملي ودائم" لقضية الصحراء.
القرار، طالب الجزائر بالمشاركة في المائدة المستديرة بجنيف وبأن "تعمل بشكل بناء مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء بروح التوافق طوال هذه العملية، بهدف ضمان إنجاحها".
القرار، أكد مرة أخرى على ريادة المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل للنزاع المصطنع حول الصحراء المغربية.
القرار دعا الأطراف إلى إبداء الإرادة السياسية والعمل في جو ملائم للحوار بهدف المضي قدما في المفاوضات، وبالتالي ضمان تنفيذ قرارات مجلس الأمن منذ سنة 2007 ونجاح المفاوضات.
القرار يدحض المزاعم الكاذبة لـ"البوليساريو" حول ما يسمى "أرضي محررة"، التي تروجها الجزائر والحركة الانفصالية، ويشكل التزام "البوليساريو" أمام هورست كولر، كما سجل ذلك القرار 2440، بعدم العودة إلى منطقة الكركرات أو نقل بنيات الى شرق منظومة الدفاع، إقرارا صريحا بأكذوبة هذه "الأراضي المحررة ". وأصدر القرار أمرا وليس طلبا إلى البوليساريو ب"الاحترام الكامل" لالتزاماتها تجاه المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الى الصحراء، هورست كوهلر، في ضوء الحاجة الملحة لعدم القيام بأي نشاط "في بير لحلو وتيفاريتي والمنطقة العازلة في الكركرات".
وفيما يخص المغرب أشاد القرار بدور اللجنتين الجهويتين للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في الداخلة والعيون، وبتفاعل المغرب مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وفي مقابل ذلك أعرب مجلس الأمن عن "قلقه العميق" إزاء "المعاناة المستمرة" لساكنة مخيمات تندوف، في الجزائر، واعتمادها على المساعدات الإنسانية الخارجية.
اليوم نحن أمام اعتراف دولي بأن الجزائر طرف في الصراع المفتعل منذ سبعينات القرن الماضي، وهو ما ظل المغرب يكرره مرارا، باعتبار أن الجزائر هي الطرف الأساسي في النزاع باحتضانها للمرتزقة والانفصاليين فوق أراضيها، التي كانوا ينطلقون منها لتنفيذ هجماتهم ضد الجيش والسكان.
عندما يعترف القرار بالانزلاقات التي تمارسها جبهة البوليساريو، ومعاناة محتجزي مخيمات تندوف، وإقحام الجزائر في الموضوع، والاعتراف بدور المغرب والتدابير التي اتخذها من أجل حماية حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية، فإنه يعترف بصوابية المقترح المغربي بخصوص الحكم الذاتي للصحراء المغربية.
كل ما قاله المغرب واقترحه من سنين طويلة هو ما تتبناه الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لأن المغرب واثق من خطواته، ولم ينتظر أي قرار دولي لكي يشرع في تنمية الأرض والإنسان، وتحويل الرمال إلى عمران، بل وحده مشروع تنمية أقاليم الجنوب، الذي أشرف جلالة الملك، على إطلاقه بمدينة العيون سنة 2015 كفيل بالدلالة على أن المغرب صادق في العدالة الجغرافية.