مرة أخرى تكشف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عن تبنيها لخطاب سياسي، أكثر منه حقوقي، في إطار تعاطيها مع الوضعية الحقوقية بالمغرب.
الجمعية التي أصدرت يوم الخميس الماضي، ماوصفته بتقريرها عن حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2017، بينت عن النهج السياسي المحض الذي يحرك مواقفها وتقريرها، مصرة على تبني خطاب سياسي محض، في إطار تعاطيها مع الشأن الحقوقي، الذي له آلياته ووسائله.
وكشفت الجمعية في تقريرها هذا، عن طبيعة توجهها، حين قالت بأن عدد المعتقلين السياسيين جاوز الآلف بالمغرب، مصرة على إقحام ملف متابعي حراك الريف، في سياق سياسي، رغم أن الأمر، وإن كانت دوافعه اجتماعية، إلا أنه أخذ طابع جنائي.
وكأن الجمعية بتفسيرها هذا، تحاول جعل كل الأحداث في العالم، ذات طبيعة حقوية محضة، وإن آخذت طابعا مخالفا للقانون، متناسية أن العديد من الأحداث التي عرفتها فرنسا في أحداث الهوامش، أو بريطانيا، والتي كانت دوافعها اجتماعية، لم تخرج عن سياق الأحداث الجنائية، حين تحولت لأعمال نهب وتكسير واعتداء على الممتلكات العامة.
فكيف تفسر الجمعية تعامل الفرنسيين والبريطانيين، وغيرهم من الدول مع حالات الانفلات الأمني، والتي هددت المجتمع، رغم كونها كانت ذات طبيعة اجتماعية في عمقها ومبرراتها؟
وكيف تفسر الجمعية المتابعات الجنائية التي طالت دعاة الإنفصال في إسبانيا، وكيف تعاملت حكومة مدريد بالحزم والشدة؟.. هل كانت المتابعات سياسية هناك، رغم أن المطالب كانت تتعلق بدوافع سياسية في عمقها؟!
ومايكشف عن هذه النظرة السياسية للجمعية، هو كونها تحدثت عن تعرض بعض المشاركين في الحراك، لما سمته تعنيف وضرب، وتجاهلت تماما، الإصابات التي سجلت في حق رجال الأمن، وكأن هؤلاء ليسوا مغاربة، بل هم من دولة أخرى؟!
مرة أخرى تفقد الجمعية بعض ماتبقى لها من شرعية للحديث عن حقوق الأنسان، وتفقد بسلوكها هذا مصداقية الحديث عن جمعية حقوقية.. ليس لآن المغرب قد قطع كليا مع بعض السلبيات التي لاتزال تحتاج للمزيد من الجهد من آجل تكريس دولة الحق والقانون، ولكن لكون الانتقاد يجب آن يكون موضوعيا، وعدم الخلط بين النظرة السياسية والنظرة القانونية. وربما هذا هو المشكل الحقيقي للجمعية التي حركها فكر النهج السياسي، ففقدت بوصلة الجمعية الحقوقية.