قد يقول القارئُ الكريم، إنّ ثلّة من البرلمانيين غيْر موافقة مع ما أقدم عليه زملاؤهم (لاهفو) الحلوى.. وأنا أردّ بأسئلة بسيطة وهي: هل رأيتَ رئيسَ البرلمان نشر بيانًا يدين فيه (الكحّاشين)، ويفتح تحقيقا، ويفْصلهم من مهمة هم ليسوا أهلاً لها؟ هل سمعتَ برلمانيًا شجب أو أدان؟ هل سمعتَ حزبًا تبرّأ من نائبه، وفصَلَه من جوقَتِه؟ هل رأيتَ تلفزةً تعلّق وتدين، وتنشر صورَ (اللاّهفين) كما نشرتْ من قبلُ صُوَرهم، يوم قيل إنهم "نجحوا" في الانتخابات؟ أبدًا؛ لم يحدثْ! والساكتُ عن الحق، شيطانٌ أخرس؛ بل الصمتُ دليلٌ على الرّضا والموافقة، أم أنا مخطئ لا قدّر الله؟ كلاّ! والله ما أنا بمخطئ إطلاقًا! في الخطاب الملكي السّامي، وردتْ فيه ثلاثُ ألفاظ متلألئة، وهي: عزّة الوطن ــ ضمير الأمّة ــ الانتهازية.. فهل فهمها الانتهازيون، وتدبّروا معانيها؟ الجواب: كلاّ! فلا يمكن أن يفهمها ذئبٌ صار راعيًا، أو عتريس صار بستانيا.. فهؤلاء الانتهازيون و(الكحّاشون) هم مجرّد عوام، بلا عزة، بلا ضمير، بلا كرامة، وقد قال الإمام [مالك] الذي نَتَمَذْهَبُ بمذْهبه: [العوام إذا اجتمعوا أفسدوا]، والبرلمان يعجّ بالعوام، وبالغوغاء أفي ذلك شكٌّ؟
فرئيس البرلمان هو من دشّن زمن الريع، لأنّهم صوّتوا عليه، وهو غيْر أهل للمنصب، وتاريخه في المسؤولية لا يسعفه.. أليس هو من منحهم رواتب ستّة أشهر لم يشتغلوا فيها؟ أليس هو من وزّع عليهم هواتفَ غالية الثمن؟ أليس هو من يدافع عن تقاعُدهم؟ أليس هذا البرلمانُ هو من أقرّ خصْم الثلث من تعويضات متقاعدين أفنوا عمرًا في خدمة الوطن؟ أليس هذا البرلمان من زكّى زيادةَ الاقتطاعات من أجور الموظفين؟ أليس هذا البرلمان هو من رفض مناقشة تعدّد التعويضات؟ أليس هذا البرلمان هو من يصوّت على القانون المالي الذي لا يخدم البلادَ والعباد؟ ثمّ أريني إنجازا واحدا لهذا البرلمان في قضية وحدتنا الترابية؛ ألم يذهب رئيسُه لمقابلة الملك [كارل] ملك السويد، فرض استقبالَه، وكذبتْ علينا التلفزةُ بصور ملتقطة بالهاتف النقال، يتحدّث فيها رئيسُ البرلمان عن لقاء تمّ في دنيا الخيال؟ ولولا تدخُّل جلالة الملك نصره الله، لعرفتْ قضيةُ وحْدتنا الترابية صعوبات لا تُنكَر.. فأريني بالله عليك ولو إنجازًا واحدًا لبرلمان (لاهفي) الحلوى، ولك كلّ الفضل..
والآن، تراهم يكذِّبون ما شاهدناه على شاشات قنوات جادة مثل [البي ــ بي ــ سي]؛ فهذه صورٌ بالألوان، أمّا أنتم فقد عهدنا فيكم الكذب، والمواطن يعرف حقيقةَ هذا البرلمان، وقد اكتوى بناره طيلة سنوات ليست بقليلة.. فهل ستكذِّبون ما قاله جلالةُ الملك (الحسن الثاني) طيّب الله ثراه، يوم وصف برلمانكم بالسيرك؟ هل ستكذِّبون ما قاله جلالةُ الملك (محمد السادس) نصره الله في السنة الماضية عندما رأى أنّ البرلمان لا يستجيب لمطالب المواطنين، وقال جلالتُه: [اتّقوا الله في الأمّة!].. كانت هذه السرقة، فرصةً لتقليص عدد النواب، ليصير عددهم مُساويا لعدد برلمانيي اليابان مثلا، بدل هذا الحشد الغثائي الذي يُتْعب الخزينةَ، والبلادَ، والعباد، دون فائدة تذكَر.. الأقلام لا تأثير لها على هذه الأزلام، المنقضّة على رقبة شعب واعٍ، لكنّه مقهور
ويوم الإثنين (15 أكتوبر 2018) تم إعادةُ انتخاب رئيس مجلس المستشارين، فصوّتتْ عليه الأغلبيةُ، وهو ينتمي إلى المعارضة.. هل رأيتَ في التاريخ مثْلَ هذه المهزلة؟ لقد كتبنا مرارًا أنّ هذا المجلس زائدٌ عن الحاجة، والأمّة ليستْ إليه بحاجة؛ فما الفائدةُ من الإبقاء على مؤسسة أثبتتْ عدم جدواها، ولا دوْر لها في المشهد السياسي في بلادنا؟ فماذا يفْعل مجلسُ المستشارين؟ وماذا يناقش؟ وماذا حقّق؟ وما دوْر الكائنات المشكِّلة له غيْر تمثيل مسرحيات فاشلة، ومناقشات شكلية، وجلسات صورية، وتعويضات شهرية، كان من الأجدر أن تُنفَقَ في أمور إيجابية؟ فنحن نعرف أنّ ببلادنا مؤسسات زائدة عن الحاجة، ولا فرق بينها وبين أحزاب لا دوْر لها في البلاد، ولكن تُصْرفُ عليها الملايير، وزعماؤُها شيوخٌ وعجزة، وقد أوصى جلالةُ الملك نصره الله بتشبيب هياكل الأحزاب، وردِّ الثقة إليها بعدما فقد المواطنُ ثقتَه بها، وهجر السياسةَ، ونفر من الانتخابات بسببها.. فكثرة الأحزاب دليلٌ على تخلُّف البلاد، ودليلٌ على تعثّر الديموقراطية.. فالبلدانُ المتقدّمة تُعرَف عامّة بقلّة عدد الأحزاب، وقلّة عدد النقابات، ونحن عُرِفْنا بمهازل الأحزاب، وتلاعُب النقابات، ونفاق الجمعيات الغثائية، وبكل مظاهر التبذير، وقد امتدّ الفسادُ حتى إلى الجامعات، والكلّيات، وقسْ على ذلك؛ ونحن نسأل: إلى أين تسير هذه البلاد؟ جُلْ ببصرك، وانْظُرْ أحوالَ أمّتك، يأتيك الجوابُ من تلقاء نفسه تماما..