ابو امين.
أظهرت الفضائح الجنسية التي وقع فيها دعاة إسلاميون بارزون، ومنظرون إعلاميون مشهورون، وقياديون حزبيون معروفون، أن “ماكينة” الأدلجة والتدليس أصابها الصدأ، وفقدت صلاحيتها في عهد الرقمنة والتطور الإلكتروني.
فبينما أثبتت الرسائل النصية التي كان يتبادلها الداعية الشهير طارق رمضان مع عشيقاته ومع الفتيات اللواتي اتهمنه بالتحرش والاغتصاب، سقط المنظر الإعلامي المغربي توفيق بوعشرين ضحية نزوات مبالغ فيها مع مستخدمات وصحفيات تعملن بجريدته، أما عدد القياديين الحزبيين المنتمين لحزب العدالة والتنمية؛ ذي المرجعية الإسلامية، الذين جرفتهم رياح التصابي والفتنة الجنسية، فحدث ولا حرج، إن لم يكن حزبنا المغربي، هو من ضرب الرقم القياسي عالميا في مثل هذه الفضائح.
فإذا كانت زوبعة الشوباني والسيدة بنخلدون عصفت بحكومة عبد الإله بن كيران، وأخضعت طائرتها لهبوط اضطراري، من أجل تعديل مستعجل، غادر إثره العشيقان قبل زواجهما منصة الاستوزار. فإن فضيحة الداعيتين عمر باحماد وفاطمة النجار؛ المنتميين لحركة التوحيد والإصلاح، سببت إحراجا كبيرا لدى المحسوبين على هذه الحركات، وأثارت تساؤلات كثيرة حول مستوى التستر بالنظافة والقيم والطهرانية لدى بعض المنتسبين إلى هذه الأحزاب والحركات، أما ما جاء من ذكر-بالذال مجرورة-لعبد الله بوانو مع شابة برلمانية فذاك نتركها للذكرى والذكر.
وفي وقت خرجت فيه عدة منابر إعلامية بخبر الطلاق الذي لم تنفه البرلمانية المثيرة للجدل أمينة ماء العينين، تناقلت جهات أخرى سرعة التحاق هذه النائبة بزوج جديد، وكأنه كان ينتظر أمام باب بيتها لتأذن له بالدخول.
أمر لا نستغربه أبدا إذا عرفنا أن أمينة ماء العينين أقامت الأرض يوما ولم تقعدها، بسبب ما أسمته تجسسا على حسابها الفيسبوكي متهمة الأجهزة الأمنية باقترافه، وسارعت إلى الشرطة لتضع شكاية في الموضوع، قبل أن تتفاجأ أن الشخص الذي يتجسس عليها ليس زوجها آنذاك، وأن مشاعر الغيرة هي التي دفعت المسكين إلى اقتراف فعلته.
ومن ضجة إلى أخرى، تقتنص كاميرات الشباب المهتم بأمور وزرائه تسجيلا لوزير التشغيل محمد يتيم، وهو يجوب أزقة فرنسا منتشيا بالأيادي الناعمة لمدلكته الحسناء، التي لم تكن ترتدي الحجاب في هذه الجولة، عكس ما اعتدناه من رفيقات حزب العدالة والتنمية.
حقيقة أننا لم نر عجبا في الشارع أبعد من لمس الأيادي للوزير المهموم بصباه، ولو تسللت الكاميرا إلى غرفة أو غرفتي الوزير والعشيقة لما ذهبنا بعيدا في التحليل، خاصة وأن الوزير المعني كان موضوعا لاتهامات أخرى، أيام كان برلمانيا، بحكم علاقة قيل إنها كانت تربطه بشقراء تداولت اسمها الألسن قبل أن تصبح ذات شأن كبير، لكن الحقيقة لا يعلمها إلا الله، والحياة الشخصية لوزرائنا لا تهمنا، بقدر ما تهمنا ادعاءات الأحزاب التي ينتمون إليها وإيديولوجياتها.
نعم، لا نحب أبدا النبش في خصوصيات اي كان، ولكن هؤلاء الزعماء هم من حولوا الخطاب الأخلاقي إلى وسيلة للوصول إلى الحكم، وهم من ركبوا على العفة والطهارة، متهمين من لا يوجد في صفوفهم بالرذيلة والفساد.
فعلا، فذاكرة المغربي لا يمكن أن تدوسها ممحاة التدجين والطمس، وهذه الذاكرة هي من تحاكم اليوم قياديي العدالة والتنمية بازدواجية الخطاب يعني “حزب بجوج وجوه”، أليس هم من حاربوا مهرجان موازين وهو يخطو أولى خطواته في الرباط؟ وهل ينكرون أنهم نادوا مرارا وتكرارا بإغلاق بعض الحانات والمتاجر التي تبيع الخمر؟ وهل ينفون أن منهم من احتج داخل طائرة مغربية وهي في سماها، بسبب بتها لشريط إشهاري، قالوا إنه يفتقد لمرجعية القيم والأخلاق؟ واللائحة طويلة.
إن الإسلاميين السياسيين الذين كذبوا على الشعب المغربي؛ بادعائهم نظافة اليد والوجدان، مطالبون اليوم بالاعتذار للشعب المغربي، قبل أن نعطي انطلاقة حملة وطنية ضد فساد ذوي المرجعيات الدينية والإيديولوجية الغامضة.
فحركة العدل والإحسان نخرها الفساد الجنسي بفضائح تزكم الأنوف، وتكاد كل فضيحة تنسيك الأخرى من شدة الوطء وقلة الحياء، وخذ مقياسا على ذلك؛ الفيديو الذي تم نشره لمضاجعة قيادي بارز عند هذه الحركة لقيادية أخرى داخل أحد فنادق المحمدية، بل إن قصة القيادي عبد الله الحمزاوي، أنستنا ويلات غزوة فندق المحمدية، حين تابعته محكمة سلا بالخيانة الزوجية مع سيدة ترتدي النقاب.
إن الإسلاميين السياسيين الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الشعب المغربي، وظهروا أمامه في التجمعات الخطابية والحملات الانتخابية، بمظهر القديسين القادمين من معابدهم، عليهم اليوم أن يعكفوا على إصلاح الاختلالات الكامنة ما بين خطابهم وسلوكهم، أو باللغة العضوية؛ ما بين ما تنطق به ألسنتهم، وما تمارسه أعضاؤهم الموجودة أسفل بطونهم.