بقلم: المختار لغزيوي
ثم نكتشف مع كل حدث جنسي جديد، يهم من قريب أو من بعيد الحركة الإسلامية، أنه كان في الإمكان أحسن مما كان، لكننا نضيع الفرص ونتفنن فعلا في إضاعتها.
مرة أخرى يطرح سؤال الحريات الفردية بقوة في المجتمع، ومرة أخرى يحشر هذا المجتمع أنفه وعينه وأذنه وكل حواسه في أمور - لو كنا أسوياء - لاعتبرنا أنها تخص أناسا راشدين وبالغين وعاقلين ولا تعنينا في شيء. لكن المشكلة الحقيقية هي أن هذه الحركة الإسلامية قررت منذ بدئها أن تبني كل مجدها على التدخل في حياة الناس، وعلى إعطاء الدروس للجميع، وعلى إقامة محاكم التفتيش، وعلى تغيير ماتعتبره « المنكر » باللسان واليد، وعلى ترك القلب قاسيا غير قادر إلا على الإساءة، وعلى عديد الأشياء التي تجعل الناس تفرك أيديها فرحا كلما سقط علم من أعلام هاته الحركة في المحظور وارتكب عكس مايردده على الجموع من نصائح وعظات وماشابه ذلك
ومع ذلك دعونا لا نستسلم بسهولة لهذا الإحساس البدائي، ودعونا نكبر ودعونا نذكر هاته الحركة الإسلامية -التي أتت لكي تعيد تقديم الإسلام لأناس هم مسلمون أصلا- (وهذه لوحدها مفارقة مابعدها مفارقة، لكن من يكترث بالمفارقات في تابوتنا الممدد من محيطه إلى خليجه؟) بأن الحرية الفردية هي الأصل، وبأنه من حق أي إنسان أن يفعل مايشاء وأنه من الضروري أن نحترم هذا الأمر، ومن الضروري أن نحترم من يقول بهذا الأمر، ومن اللازم ألا نصفه لا بالديوث ولا بالفاسد ولا بالمتهتك، بل الإنسان الذي يحترم خصوصيات الآخرين، ولا يتدخل بفضول مرضي ومعيب فيما لا شأن له فيه، ولا يمس أعراض الناس، ولا يدعي الطهرانية وأنه ملاك لايخطئ، بل يعترف يوميا أنه خطاء لكنه يؤمن فعلا - عكس الحركة الإسلامية - بأن خير الخطائين التوابون مثلما قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم
هاته الحياة درس كبير وهو يلقننا نفسه باستمرار شرط أن تكون لدينا القدرة على الاستيعاب والفهم وألا نكون محنطين في قوالبنا، غير قادرين على تحريك المادة الرمادية الموجودة في عقولنا، مكتفين بما حفظناه دون أن نفهمه ومعتقدين أننا بهذه الطريقة من الغباء في العيش سننال طوق النجاة
الجنة لا يدخلها الأغبياء أيها السادة. الجنة يدخلها الناس بفضل رحمة ربهم لا بفضل أعمالهم ولا بفضل التطاول على الآخرين ولا بفضل أي شيء آخر.
وغفر الله لنا ولكم وللجميع بطبيعة الحال.