أصدرت الخارجية الأمريكية تقريرا جديدا حول الإرهاب في العالم برسم عام 2017. وجاء في هذا التقرير الاستراتيجي الهام أن المغرب ينعم بالاستقرار و”يشيع” الأمن خارج حدوده الجغرافية، بل ويساعد العديد من الدول الإفريقية في إرساء السلام والاستقرار داخل حدودها خدمة لنموها ولأمن وسلام شعوبها.
وقد صدح هذا التقرير بما سيخرس ألسنة تقارير مؤسسات أخرى وطنية ودولية تدعي تعاطيها لحقوق الإنسان واهتمامها بمصير الصحراء “الغربية”، وجاء ليفند أيضا كل الادعاءات المحاكة من دول جارة كانت هي الأولى بتأكيد هذه الحقائق، كما أن هذا التقرير يدحض افتراءات العدميين وأصدقاء العدميين المنتمين لجمعيات تنشط داخل البلاد.
فالولايات المتحدة الأمريكية قالت في تقريرها الذي صدر الأربعاء الماضي إنها تعتز بكون المغرب حليفا رئيسيا لها من خارج حلف شمال الأطلسي، وبكونه يتميز بمشاركته الفعالة في المبادرة الأمنية والدفاعية الدولية منها مبادرة “الأمن والدفاع في إطار 5 + 5″، التي تعالج القضايا الأمنية في حوض البحر الأبيض المتوسط.
والغريب أنه في الوقت الذي تعبر فيه الولايات المتحدة الأمريكية عن اعتزازها لما حققه المغرب في مجال السلم والأمن والاستقرار نجد أن فرنسا، وهي الدولة الأقرب إلينا جغرافيا والأكثر استفادة منا تاريخيا وجغرافيا ودبلوماسيا ولغويا واقتصاديا، لم تراع كل هذه المكتسبات، ولم تقدر الجهود التي يبذلها المغرب من أجل استقرارها واستقرار دول المنطقة، بل تتصرف وكأنها تسعى جاهدة لإثارة الفتنة في البلاد وتعمل دائما على تحريض المغرضين من صحفييها أو من العاقين من أبناء هذا الوطن للإساءة إلى صورة المغرب.
إن التقرير الأمريكي الذي نحن بصدده يعتبر وساما من ذهب وضعته الولايات على صدر كل مغربي صادق وحريص على أمن بلاده وعلى راحة وسكينة شعبه، وبالتالي على الأمن والسلام العالميين. كما أن الولايات المتحدة من خلال تقريرها أقرت بأن المغرب لا يعتبر فقط شريكا مستقرا وآمنا بل أنه يشيع الأمن، ويسهر على تكوين المسؤولين الأمنيين، والعسكريين، والشرطة في دول جنوب الصحراء، ويشارك بشكل نشيط في مبادرة الأمن، والدفاع في إطار 5 + 5، التي تعنى بالقضايا الأمنية في المنطقة المتوسطية.
ولم يقتصر التقرير الرسمي للخارجية الأمريكية على التنويه بإنجازات المغرب الكبيرة في الأمن ومحاربة الإرهاب والتطرف، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حيث أعربت عن أسفها لكون “الخلاف السياسي بين المغرب والجزائر، حول قضية الصحراء لا يزال يشكل عائقا أمام التعاون الثنائي، والإقليمي في مجال مكافحة الإرهاب. وهنا يجب أن نتساءل صراحة: ألا يجعل هذا التقرير وهذه الاستنتاجات المسؤولين العسكريين في الجزائر يشعرون بالخجل، وهم يعلمون مليا أن المغرب لا يذخر جهدا من أجل راحة وأمن الشعب الجزائري، ومع ذلك فالشرذمة العسكرية الحاكمة في الجزائر لا تذخر جهدا من أجل إزعاج المغرب، وإقلاق راحة مواطنيه من خلال التشويش وبت الفوضى في المنطقة، وزحزحة استقرارها، ودعم الميليشيات المسلحة، وتمويل الحركات المرتزقة. كما نتساءل أين اختفت قناة “فرانس 24” ووكالة “فرانس بريس” والجمعية المغربية لحقوق الإنسان وغيرها من المنظمات والجمعيات التي أصيبت بالبكم حيث تجاهلت هذا التقرير، هي التي تتهافت على التقارير الأمريكية والدولية التي تنتقد المغرب؟
إن الولايات المتحدة الأمريكية وهي تسجل بأن التوجه المغربي الداعم للاستقرار في القارة الإفريقية يقوم على مقاربة “شمولية” لمكافحة الإرهاب، وتزاوج بين تدابير اليقظة الأمنية والتعاون الإقليمي والدولي وسياسات محاربة التطرف، إنما تؤكد في نفس الوقت بأن المغرب وهو يسهر على راحة شعبه، فإنه في ذات الوقت لا يوفر أي جهد من أجل إقرار الراحة لدى شعوب المنطقة في الشمال الإفريقي، أو لدى دول جنوب الصحراء، بل وأيضا لدى شعوب الاتحاد الأوروبي، وباقي دول العالم.
فإذا كان هذا التقرير قد أشاد بالدور الذي لعبته الأجهزة الأمنية المغربية في التعامل مع أحداث برشلونة، فإن هذا الدور لوحده لا يمكن أن ينسينا الدور الكبير الذي لعبته الأجهزة المغربية فى فك ألغاز الأحداث التي عرفتها بلجيكا وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا وألمانيا.
ومثل هذه الإشادة وغيرها من التنويهات التي عبرت عنها جهات أخرى أكدها الملك في خطاب العرش للسنة الماضية حين هنأ أجهزتنا الأمنية على ما حققته من إنجازات لفائدة أمن واستقرار الوطن، بل إن الملك قام بزيارة تفقدية إلى مقرات عملها.
فهنيئا للشعب المغربي المسالم على هذا الوسام الجديد الذي يعتبر مدعاة للفخر والاعتزاز، وهنيئا مرة أخرى لعبد اللطيف الحموشي ولرجالاته الذين لا تغمض جفونهم، بهذا الاعتراف الدولي الهام، وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية التي خلدت قبل أسبوعين ذكرى ضربات 11 شتنبر الإرهابية التي خلفت الرعب في قلوب كل الأمريكيين. ولذا فإن مدحها واعتزازها بالأجهزة الأمنية المغربية يتحلى بالموضوعية والتجرد وخال من أي محاباة أو مجاملة.