*عبد المجيد مومر الزيراوي
إذا كان من الصعب على شبكة الأعمال الإيرانية بأفريقيا أن تقوم بالتغلغل في ملف الصحراء من خلال طائفية المذهب الجعفري ، فإن المخابرات الإيرانية تشتغل بصفة منتظمة على "تعريب" قضية التدخل في شؤون صحراء شمال افريقيا .
و يبدو أن هذا الغطاء يمنح عناصر المخابرات الإيرانية حرية تامة في التنقل و سرعة التنسيق بين خلاياها السرية دون إثارة الانتباه ، و ذلك عبر تنظيم لقاءات و ندوات جمعوية ظاهرها الحوار الاسلامي و التضامن العربي و باطنها التنفيذ العملي للمخططات التوسعية للحوزة السياسية الحاكمة بدولة إيران.
و هكذا تعمل المخططات الإيرانية ضد سلامة الأراضي المغربية و أمن و وحدة الوطن المغربي من خلال مناورات جديدة تحاول إستعمال ورقة جبهة البوليساريو الإرهابية بأفق جيو – استراتيجي يعتمد على تغيير معادلات الصراع و تحويل المنطقة الشمالية لأفريقيا إلى ساحة حرب بالوكالة خدمة لمشروع الحكومة الإيرانية الكبرى من الخليج إلى المحيط .
فجبهة البوليساريو المرعوبة من إقتراب ساعة شَتَاتِهَا ، تعمل وفق مخطط المخابرات الإيرانية على تنفيذ ما يلي :
أولا : تسهيل عملية نقل المخيمات ، و تنقيل المُحتجزات و المُحتجزين بمنطقة تندوف جنوب دولة الجزائر ، و إعادة توطين المُهَجَّرين الجدد ضمن أراضي المنطقة العازلة لإستكمال مسلسل المخاتلة و التحايل على بعض شروط القانون الدولي و ميثاق الأمم المتحدة.
ثانيا : إعلان الاعتراف الإيراني بالواقع الجغرافي الجديد للدويلة المزعومة و تسويقها دوليا ب " عناوين جديدة " ، مع توقيع اتفاقيات و عقود معاهدات تضمن عملية تبييض مختلف النشاطات الارهابية التي تستهدف السلم و السلام الافريقي و العالمي.
ثالثا : تكليف ميليشيا حزب الله الإرهابي بإعادة أدلجة تنظيم البوليساريو عقائديا و عسكريا ، و الإشراف بشكل مباشر على بناء هياكل هذه الدويلة المزعومة و الوصاية على مفاصلها بشكل يجعلها ورقة استراتيجية قابلة للإستعمال الإيراني بالمنطقة.
رابعا : إشعال الحرب في صحراء شمال إفريقيا تحت غطاء الدفاع عن حق الشعوب في مقاومة الاحتلال . و قد تَمَّ مَنْحُ قيادة هذه العمليات الإرهابية الخطيرة إلى المدعو حسن نصر الله قائد ميليشيات الضاحية الجنوبية بلبنان ، و ذلك لأن الاشتغال على هذا المخطط السري يتم تحت قناع العروبة و القومية العربية بتمويل فارسي .
غير أن صرامة و حزم الدولة المغربية كشف معالم المخطط الإيراني المُغلَّف بقناع ديبلوماسية التقية ، فاليقظة الإستراتيجية للدولة المغربية والكفاءة المهنية لدى المؤسسات الساهرة على أمن الوطن و سلامة حدوده جعلت الحوزة السياسية الحاكمة بإيران عاجزة عن دحض الحجة بالحجة ، و صامتة بصورة غير ديبلوماسية عن تقديم إعتذار رسمي يناسب حجم الضرر الجيو- سياسي الذي يهدد المنطقة بهبوب رياح حرب مُدمرة تُعاكس مصالح الشعوب و رغبتها في الأمن و الاستقرار و النماء و التقدم .
و يبدو أن النظام الجزائري قد فقد السيطرة على سيادة الأراضي الجزائرية الجنوبية التي أصبحت مرتعًا لشبكة الأعمال الايرانية بأفريقيا ، هذه الشبكة التي إستغلت إنتشار حالات الفراغ الروحي بالجزائر و الغضب الشعبي لدى الشباب لزعزعة العقيدة و الوجدان بمذهب التشيع السياسي.
ثم قامت هذه المخابرات الإيرانية بالإستثمار في حالة الوهن الرئاسي و مرض عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يعد قادرا على تدبير شؤون البلاد و حماية سيادتها من اختراق أجهزة المخابرات الإيرانية . هذه الأخيرة التي تحاول تصفية حسابات الصراع بين " حوزة قُمْ الفارسية المُؤَدْلَجَة " و بين الدول الغربية من خلال تغلغل مخابرات إيران في أراضي خط الغاز بالجزائر ، و التحكم في مناطق سيادية تخلى عن ضبط أمنها و إستقرارها نظام الحُكْمُ الوَهِن بقصر مرادية بالعاصمة الجزائر.
و لعل واقع جنوب الدولة الجزائرية المُخترق من طرف المخابرات الإيرانية ، يكشف بالملموس فقدان النظام الجزائري لبوصلة تنزيل القرارات الأممية ، و غياب الإرادة الحقيقية لإيجاد تسوية نهائية سلمية للنزاع المُفتعل حول الصحراء المغربية وفق مبدأ رابح – رابح الذي تجسده المبادرة المغربية العقلانية و الديمقراطية ، مبادرة الحكم الذاتي التي تضمن للجزائر و المغرب تدشين مرحلة مصالحة شجاعة و فتح الحدود المغلقة قصد إحقاق الوثبة الثقافية ، الإجتماعية و الإقتصادية لشعوب منطقة شمال و غرب إفريقيا الطامحة لتحقيق التنمية القوية مع ضمان الأمن و السلم و الإستقرار.
*رئيس الإختيار الحداثي الشعبي