ليست هناك حوادث معزولة، وليس هناك ماضٍ وحاضر ولكن هناك وقائع متواصلة. قادة العدالة والتنمية وكما علمهم عبد الإله بنكيران يريدون إعادة كتابة كل التاريخ. إذا كان واحد منهم جبانا يصنع له تاريخا من الشجاعة والإقدام. وإذا كان الآخر منهم بليدا يتبنى أفكار غيره كي يظهر بلباس الذكاء. وأشد الأشياء التي يكرهها الإخوان هي تذكيرهم بالتاريخ. تصريحات بوشتى الشارف، التي قال فيها إنه كذاب لا ينبغي أن تمر مرور الكرام. القضية تتعلق بأمن البلاد والعباد وبسمعتها.
ولهذا لابد من تذكير الإخوان بماضيهم "المجيد" في الدفاع عن الإرهابيين بل الدفاع عن الكذب والافتراء الذي يلفقه كثير من المعتقلين. مصطفى الرميد، القيادي في حزب العدالة والتنمية، اليوم هو وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان. طبعا كان في وقت الفيديوهات التي يبثها الشارف عن تعرضه للتعذيب برلمانيا في حزب معارض. ربما لأنه لا يؤمن بالديمقراطية لم يصدق أنه سيكون وزيرا في يوم من الأيام أو أن يصل حزبه لرئاسة الحكومة. طبيعي الظرف كان مختلفا.
لما كان برلمانيا أشعل البرلمان، وتحول إلى مادة دسمة ومانشيطات للإعلام المحلي والدولي، كما تضمنت الكثير من التقارير الدولية كلمته بمجلس النواب. انتفض البرلماني المعارض مصطفى الرميد في وجه وزير الداخلية مولاي الطيب الشرقاوي، وزعم البرلماني حينها أن التعذيب ما زال موجودا في المغرب وأن المخابرات تقوم بذلك في معتقل تمارة السري، ومن أجل مزيد من الاستدلال وإفحام الوزير واجهه بقضية بوشتى الشارف.
قضية بوشتى الشارف طلعت اليوم خاوية على عروشها، وأنها كانت مجرد فبركات إعلامية باعتراف صاحبها، الذي أقسم بأغلظ الأيمان أنه مجرد كذاب لأغراض عديدة من بينها محاولة الضغط كي يتم إطلاق سراحه، واليوم في لحظة صحو يعترف بأخطائه.
ما موقف البرلماني المعارض سابقا الوزير حاليا المكلف بحقوق الإنسان؟ هل سيعتذر من المغرب والمغاربة ويقول إنه بشعبويته ساهم في تشويه صورة المغرب أمام المنتظم الدولي أم أنه سيصنع تاريخا جديدا؟
قد تكون الجمعيات الحقوقية معذورة في تبنيها للملفات دون تمحيص لأنها بالإضافة إلى عدم احترافيتها ليس لها من شغل غير البيانات والتقارير، التي بفضلها تحصل على كثير من الدعم الأجنبي. لكن ما معنى أن يتورط السياسي في دعم هذه التوجهات؟
الرميد له بأس شديد في الدفاع عن الإرهابيين، وهو صاحب فكرة المصالحة مع معتقلي السلفية الجهادية، وكان يجالس رموزا من اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، وعلى رأسهم آنس الحلوي الذي قُتل في سوريا بعد انضمامه لحركة شام الإسلام التي أسسها إرهابي آخر اسمه رضوان بنشقرون وضمت المقاتلين المغاربة في سوريا.
وكان عبد العالي حامي الدين صديق الرميد ووارث جمعيته منتدى الكرامة لحقوق الإنسان قد دعا أيضا إلى مصالحة مع الجهاديين، الذين ما زالوا هنا وهناك يتربصون بنا الدوائر.
تاب الشارف فهل يتوب الرميد؟