بقلم: عبدالعزيز الخميس
تصور شكل الوهابية الجديد بعد ان اصبح لقطر دور في تعزيزها.
هكذا طلب مني صديقي مساعدته في حياكة تصور جديد لما سماه بالوهابية.
قد اختلف معه فنحن ابناء نجد حيث انطلقت ما سمي بالدعوة الوهابية لا نقدم انفسنا للغير كوهابيين بل كسنة نتبع السلف الصالح ونتجاهل غير الصالح.
مهما حاولنا نفي صفة الوهابية عنا نجد اخوة لنا يقفون لنا بالمرصاد، ليقولوا بل انتم وهابيون تتبعون خطاً دينياً متعصباً.
اتذكر في صغرنا ان حياتنا ارتبطت بدائرة ضيقة تبدأ من المسجد وتنتهي فيه، مثلنا مثل اي مجتمع اسلامي لم تدخله مظاهر الحياة المعاصرة، ومع تطور اساليب الحياة اصبحت حياتنا تبدأ في البيت وتنتهي فيه مروراً بالمسجد والمكتب والمقهى والمطار واماكن كثيرة تحتم علينا التعامل مع ادوات جديدة في الحياة لم يعتد اجدادنا التعامل معها.
اجدادنا الذين صنعوا ما يسمى بالوهابية او السلفية وبعدهم آباؤنا انكروا التغيرات، قلة هي من استمرأت التحولات في الحياة الاجتماعية وتعاملت معها كمسلمات.
عانت مجتمعاتنا من صراع شرس بين تيارات بعضها تؤمن بالتطور والانفتاح دون قيود واخرى ترفض اي تغيير في الحياة الاجتماعية، لكن وصل مجتمعنا الى حل وسط، وهو القبول بالتغيرات ضمن اطار مدروس مقنن رعته الدولة بحرص، على ألا يفلت منها وتتوزع القوة لتصل الى اطراف توسع دائرة التغيير فنتوسع ونتطور اقتصادياً وقليلاً ما اجتماعياً وبتحفظ لكن سياسياً نسير خطوة ونعود خطوات او نفرغ الخطوة من جلجلتها.
الامام محمد بن عبد الوهاب حين عاد الى نجد من رحلته الاستشمالية (على وزن الاستشراقية) عاد محملاً برغبة أكيدة في الاصلاح ورفض البدع والخرافات وتخلف المجتمع.
كان يرسم لمجتمع الجزيرة العربية رؤاه في ان ينهض يعد ان انهكته الحروب وسيطرة المليشيات التي أقتات على غياب الوعي.
سار ابن عبد الوهاب بتحالف قوي مع الامام محمد بن سعود لترسيخ دولة قوية ونظام متماسك حسب مفهوم ذلك الزمن، نختلف مع طريقته وافكاره لكن نتفق على ان هدفه الاساسي هو التغيير والاصلاح حسب ثقافته بل وضع المنطقة فكرياً.
استفاد آل سعود سياسياً من وقوفهم مع ابن عبد الوهاب ولا زالوا بعد ثلاثمائة عام يحظون بشرعية حكم لاتكائهم على مسند ابن عبد الوهاب.
الجديد اليوم هو ان هذا المسند يشاركهم فيه اليوم آل ثاني في قطر.
ابن عبد الوهاب يعود الى قيد الحياة مرة اخرى لكن ليس في الدرعية بل في الدوحة.
ما أقوى هذا الفتى النجدي بعد ثلاثة قرون يطرق باب الخليج بوجوه جديدة.
ماذا يريد آل ثاني من دعوة فتى نجدي ساح في الشمال بين العراق والشام باحثاً عن الحقيقة وعاد ببرنامجه الديني والسياسي ليطلق ثورة نجدية لم تبق ولم تذر؟
هل يريدونها ثورة فكرية ام سياسية؟
هل أغراهم اكتشاف قوة فكر الشيخ في مصر وليبيا وتونس وغيرها من دول حاربت فكره بالسيف والمطرقة والمنجل؟
هل يريدون حضوراً سياسياً على المشهد العربي، ويستعملون القبيلة التميمية لغرس جذورهم حيث تميم في العراق وفلسطين والجزيرة بل وحتى ايران والمغرب؟
هل يعود القعقاع بعقاله القطري موحداً وفاتحاً؟ ام ان الأمر لا يتعدى نشوة قبلية وزهواً عشائرياً بعد ان افتخر يوماً بأن كأس العالم سيكون في مضارب بني تميم؟
هل سيبحث المفكرون عن رابط بين القبيلة والدعوة الدينية وبأدوات اقتصادية ضخمة فتتفاعل هذه المكونات محدثة قوة ليست قشرية بل عميقة الجذور؟
الأمر يحتاج الى لاعب شطرنج جيد او ماهر في تركيب لعبة الليغو مع مراعاة البعد العملي في ان جامع الامام محمد بن عبد الوهاب سيحتوي مؤسسة علمية باحثة ودارسة تتخذ من الرموز الدينية والقبلية وسائل ناشطة؟
يا شيخنا النجدي مرحباً بك مرة اخرى معلماً ورمزاً لكننا سنشهد حضورك في عالم متسارع التطور فهل سيجيد اتباعك الجدد من لابسي العقال ما فرط فيه من رفضوا العقال في الرياض؟
هل وضع الإمام حمد بن خليفة آل ثاني يده في يد الأمام محمد بن عبد الوهاب في صورة جديدة؟
وهل سيصبح هارودز سلفياً او السلفية هارودز؟
لننتظر ونراقب ونحكم على The New Wahhabism.
عبد العزيز الخميس