رحم الله هذا الشاعر يوم قال في أبيات دخل بها التاريخ، وضمنتْ له الخلود:
أيُّ شيء نراه داءً عُضالاً * مثْل ما في البلاد من أحزاب
نحن ما بيْن إخواني دَعِيٍّ * وجَهولٍ معاندٍ وَهّابي
يزْعم الكلُّ أنّه في طريقٍ * سار فيها الرسولُ بالأصحاب
فرّقوا الدينَ ثم جاؤوا بشيء * ليس في سُنّةٍ ولا في كتاب
لقد صدق صاحبُ هذه الأبيات، وكأنّه يشير إلى مواطن الدّاء، ومنابع البلاء في الأمة، وقد ذكر كثرةَ الأحزاب، يتزعّمها فاشلون، وكذبةٌ، ورهبان، والمصيبة أنّ إعلام التضليل يصفهم، أو يسمِّيهم [الزعماء]؛ وهذا الوصف يعطيه التاريخُ للزعيم بموجب تاريخه الشخصي، وإنجازاته، وركوبه مخاطرَ جمّة، ثم لا يمتطي المجدَ مَن لم يركَبِ الخطرَ.. فعلى أيّ أساس يسمّى هؤلاء الكذبةُ بأنّهم (زعماء) ما هو تاريخهم؟ وما هي إنجازاتُهم؟ وماذا حقّقوه في أحزابهم المترهّلة وكأنّها كتدرائياتٌ من الزمن الغابر، أو مغارات لهياكل عظمية، تنبعث منها رائحةٌ نَثِنَة، ظاهرها خادعٌ، وباطنُها كالقبور، وقد مُلئَتْ بالعظام والنّثانة، وبكل شرٍّ كما يقول السيد (المسيح) عليه السلام؟ فهل [بنكيران] كان يومًا زعيمًا؟ هل هو يشبه في مساره التاريخي مثلا: [ستالين، أو ماو، أو كاسترو، أو غاندي، أو هوشمين، أو مانديلاّ، أو، أو] فمن أين أتاه لقبُ الزعيم؟ وهناك رؤساء أحزاب، يلقّبون بالزعماء، وما هم إلاّ كذبة، ودهماء..
فمثلا [بنكيران] الذي صار زعيما، ويحدّث المغفّلين بجهله تارةً وبكذبه تارةً أخرى، ويصْدِر فتاواه في قضايا عديدة، حتى صار حكيمَ زمانه، وما هو إلا مسرف كذّاب، بدليل أنه برّر كذبه باتهام سيّدنا [إبراهيم] عليه السلام، بأنّه كذب ثلاث كذبات، وهو ما يقول به [الإنجيل] الذي صاغته [المسيحية الصهيونية] فيما كتاب الله العزيز، يبرّئُ ساحةَ هذا النّبي الكريم، خليلِ الله؛ يقول عزّ وجلّ: [واذْكُرْ في الكتابِ إبراهيمَ إنّه كان صِدِّيقًا نبيّا] صدق الله العظيم. كانت كذْبة [بنكيران] هذه كافية لتجعلَ الناس ينفضّون من حوْله إلى الأبد، ولكنْ.. ثم دلَّل على كذبه ونفاقه، حين أعلن صراحةً أنّه متيَّمٌ بالظّلامي [ابن تيمية]، و[ابن تيمية] هذا، مجسّمٌ لذات الله تعالى، و(حاشا ذلك)؛ يقول الإمامُ [الزّمخشري] بخصوص (المجسِّمة): وإذا سألوني عن مذهبي لم أبُحْ به، وأكتمه، فكِتمانُه لي أسلم.. وإن (كذا) قلتُ، قالوا بأنّني حُلوليٌ بغيضٌ مجسِّم.. وإنْ قلتُ من أهل (كذا) وحِزْبه.. يقولون تَيْسٌ ليس يدري ويفهم.. وأكبر كذبة للمدعو [الزّعيم بنكيران]، هو قولُه بالدّعوة إلى الله، وبيستِ الدعوةُ هي!
لكنْ ما الذي جعل الحزبَ الشيوعي يتحالف مع (البيجدي) الظّلامي، عدوّ الملكية؟ إنّها الخيانة، والكذب، مع اللّعب في الخفاء، وعدم الوفاء، وتلكم أخلاق الشيوعي كما ذكرها التاريخُ؛ ألم يتحالفِ الشيوعيون مع عدوِّهم [هتلر] لتشكيل حكومة ائتلافية في ألمانيا؟ وبعْد ذلك، أدخل النازيون حلفاءَهم الشيوعيين إلى مراكز الاعتقال؛ فكتب [ستالين] إلى [هتلر] رسالةً يقول له فيها: [عامِلُوا الشيوعيين، كما نعامِل نحن المجرمين عندنا]؛ و[ستالين] يعرف أنّ الشيوعيين كذَبة، وخونة، ولا مبادئ لهم.. لكنْ عندنا، ترى أنّ (زعيم) الحزب الشيوعي عُزِل من طرف جلالة الملك، ورغم ذلك ما زال على رأس الحزب الفاشل.
وماذا عن حزب الاشتراكيين، خصوم الشيوعيين، وأعداء الإخوانيين؟ لقد كبَا هذا الحزبُ في الانتخابات، وانفضّ الناسُ من حوله، ومع ذلك، نودي عليه ليشارك في الحكومة الفاشلة، باعتباره حزبًا فاشلاً؛ لا بل، إنّ عضوًا فيه حطّم التعليم، وأفرغَه من أطره عبْر ما أسماه (المغادرة الطوعية)، وبذّر الملايير في هذه العملية، وهو ما عناه الخطابُ الملكي السامي، حين قال: [وملايير تُشتّتُ هنا وهناك بلا جدوى]؛ ومع ذلك أصبح هذا الاشتراكيُ والوزير السابق والفاشل، رئيسًا للبرلمان، وأبرز ما فعله، هو شراؤُه هواتفَ غالية الثمن لعياله البرلمانيين، ليلعبوا تحت القبّة، بعدما أجاز لهم تقاضي رواتبهم لمدة ستة أشهر لم يشتغلوا فيها؛ والآن يدافع لهم عن مسخرة (التقاعد)، وصدق جلالة الملك نصره الله حين قال: [وملايير تُشتّتُ هنا وهناك بلا جدوى]؛ وكان يعني هذه الأحزاب الخراب، التي يرأسها شيوخٌ، وعجزةٌ، ونحن نسأل: لماذا لا يُعْزَل مثلا وزيرُ الوظيفة العمومية الزّائدة عن الحاجة؟ قُلْ: [أتى أمرُ الله، فلا تستعجلوه]، وإنّنا نرى رؤوسًا قد أينعتْ وحان قطافها؛ متى؟ قريبًا!