العدد السادس لبرنامج ‘‘عشاء الأغبياء‘‘ الذي يبث على شبكة اليوتوب والذي ينشطه أمين بلغازي ويوسف المودن وحمل عنوان ‘‘ ملحمة العدميين‘‘ ثم عرضه في 24 غشت الجاري، استضاف المغني باري وأحمد رضا بنشمسي الناطق باسم منظمة هيومان رايتش واتش ورشيد أوراز الأستاذ بكلية أكادير والباحث في المركز العربي للبحث العلمي والدراسات الإنسانية والصحفي عمر الراضي وعادل السعداني رئيس جمعية جذور بالإضافة إلى جواد الحميدي منسق لجنة الأقليات الدينية بالمغرب، وجرى خلاله جرد حصيلة 19 سنة من حكم الملك محمد السادس غداة الخطاب الأخير الذي توجه فيه صاحب الجلالة لعموم المغاربة.
وكما كان منتظرا من خلال البرنامج الذي وضع على شبكة اليوتوب في ثلاثة أجزاء مدة كل منها 30 دقيقة، تناول المشاركون مختلف المواضيع المرتبطة بالوضع السياسي والاجتماعي في المغرب، والحريات الفردية واستقلال القضاء والمقاطعة والوضع في الريف والاعتقالات التي طالت عددا من المشاركين في الاحتجاجات التي شهدتها الحسيمة، بعد اقترافهم لأعمال تخريبية وماسة بأمن الدولة تحت طائلة القانون.
المشاركون ومنشطو البرنامج الملتئمون حول مائدة حفلت بأنواع مختلفة من قوارير النبيذ والجعة، انخرطوا في خطاب عدواني يمس المؤسسات الوطنية بشكل مستفز ومباشر.
فهذا تارة عادل السعداني يتهم الخطاب الملكي الموجه من الحسيمة ب‘‘المستفز‘‘ مشددا على عدم تخصيص الخطاب في أي فقرة من فقراته للحديث عن الريف.
وهذا الصحفي عمر الراضي يتهم ملك البلاد بأنه أعطى الضوء الأخضر لقوات الأمن لتحويل المغرب إلى دولة بوليسية، مشيرا إلى أن الاعتقالات والمحاكمات طالت ‘‘ناشطين ريفيين‘‘ في الوقت الذي كان فيه عاهل البلاد يقضي عطلته في الحسيمة.
من جهته، لم يشذ أحمد رضا بنشمسي عن الخطاب المهين والمستفز لكل المغاربة الذي تفوه به سابقوه في البرنامج، ليكرس بدوره رؤيته الخاصة جدا والملتوية في فهم الرسائل الواضحة والقوية التي حفل بها الخطاب الملكي، حين اعتبر بأن الخطاب لم يتطرق إلى الأزمات التي يعيشها المغرب في الريف وجرادة وزاكورة، ولم يتناول ‘‘معاناة‘‘ المعتقلين الذين ‘‘تعرضوا للتعذيب والتعنيف في الدوائر الأمنية أو الذين وثقت اعترافاتهم تحت التعذيب‘‘.
أكثر من ذلك، وصف بنشمسي المغرب بأنه بلد يفتقد لأية استراتيجية من خلال ‘‘غياب مشاريع في المجالات الاقتصادية والاجتماعية‘‘.
الترهات والقذف والاستفزاز لم يتوقف عند هذا الحد، عندما عاد الصحفي عمر الراضي إلى اتهام وزارة الداخلية بالتدخل في عمل الجمعيات والنسيج المدني في المغرب، داعيا بكل سوء فهم مقصود إلى ‘‘حل هذا الجهاز‘‘ لإنجاح استراتيجية ‘‘السجل الاجتماعي الوحيد‘‘ الذي يظل فكرة جيدة في حالة إفلاته من ‘‘سيطرة وتحكم‘‘ رجال السلطة في المغرب. في نفس السياق الملتبس، نوه عمر الراضي بالمقاطعة الاقتصادية التي قال أنها صدرت من معتقلي الريف وجرادة، وهو ما أكده بنشمسي بدوره.
وحين اختار الأستاذ الجامعي رشيد أوراز عدم السير على نهج سابقيه من المشاركين، حيث اعتبر أن المغرب يسير على طريق صحيح يتقدم به تدريجيا إلى الديمقراطية الحقيقية، وأن تعليم الأجيال القادمة هو الحل الأنسب من أجل انبثاق وعي سياسي عام، قرر كل من بنشمسي وعمر الراضي معارضته على طول الخط.
جواد الحميدي، منسق لجنة الأقليات الدينية في المغرب، اختار أن يشخصن مداخلته في البرنامج، مشددا على رفض وزارة الداخلية الترخيص لجمعيته بالعمل، مذكرا بما وصفه حالات للتضييق على أشخاص من ديانات أخرى غير الديانة الرسمية للبلاد، التي كانت ورائها الدولة المغربية وليس المجتمع المغربي الذي يظل حسب تعبيره ‘‘ أكثر تسامحا مع حرية المعتقد من الدولة‘‘.
منشطو ‘‘ عشاء الأغبياء‘‘ فسحوا المجال أمام المشاركين في نهاية البرنامج لتقديم ما يعتبرونه ‘‘نصائح‘‘ للملك محمد السادس، فما كان من الصحفي عمر الراضي سوى أن دعا الملك إلى ‘‘ التخلي عن مدير مديرية الأمن الوطني وجهاز مراقبة التراب الوطني وعدم التنسيق معه في تدبير شؤون المرحلة القادمة‘‘ فيما دعا بنشمسي الملك إلى ‘‘ الاستماع إلى المواطنين وفتح نقاش للحديث مع كافة أطياف الشعب المغربي‘‘.