*عبد المجيد مومر الزيراوي
يستمر الطبيب سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية في مناوراته التي ترمي إلى تضليل العقل الشعبي عن مكمن الخلل الذي أصاب التجربة التنموية بالمغرب . فالطبيب الذي كنا ننتظر دواءَه دخل إلى الحكومة بِدَائِهِ ، و من هذا المنطلق نستكمل سُنَّة المُناصَحَة لكي نُقابِل بها كل التهم الجزافية التي يَرْمِينَا بها سعد الدين العثماني .
حيث خرج علينا الأمين العام لحزب العدالة و التنمية بِقَوْلِهِ خلال ندوة حوار المنزلقات و المُهَاتَرات : " أخذنا بعين الاعتبار كل ما كتب في الإعلام منذ الندوة الوطنية الأولى للحوار الوطني، ونأسف كثيرا لأن بعض الأقلام حاولت جاهدة التشكيك في مواقف الحزب من الملكية أولا، ومواقف الحزب السياسية العامة . و أضاف زعيم أيديولوجية الإسلام السياسي أن الذين يلعبون دور الوشاية لمحاولة الإيقاع بين الحزب والمؤسسات الدستورية، وعلى رأسها المؤسسة الملكية، هم يحاولون وسيفشلون في هذه المحاولة. كما أوضح العثماني أن حملة التشكيك هذه لن تخرجنا عن صوابنا، و أن التاريخ سَيَرُد والمجتمع سَيَرُد والشعب يعرف تاريخ كل واحد منا".
و لِأَنَّ بَرَاقِشَ هي التي جَنَتْ على نفسِها كما ورد في المثل العربي المأثور ، فرجاءًا يا زعيم الحزب المُؤَدْلِج للإسلام ؛ يَكْفيكُم استقراء الواقع الشعبي المُعاش حتى تُدركوا بالملموس أن الشعب المغربي هو الذي يشتكي منكم و من نفاق سياسَتِكم . بل هو الشعب المغربي الذي يرفع أكف التضرع إلى الله الواحد القهار طمعًا في أن يرفع عنه غُمَّة حزبكم و ضيق سنواتكم العجاف .
و لعل التاريخ الذي تَحْتَكِمُون إليه هو نفسه الذي يحفظ مضمون فتاوى جماعتكم في تكفير الديمقراطية ، كما يحفظ هَرْطَقَة التمايز المُبَشَّرِ به و الذي أَسَّسَّ لخطة التمكين عبر الإلتفاف على المسار الديمقراطي في شِقِّهِ الانتخابي مع الإستمرار في شيطنة منظومة القيم الثقافية المُشَكِّلَة لمفهوم الديمقراطية.
مثلما يحفظ هذا التاريخ رصيدكم السياسي الحافل بالإخفاقات البشعة في نصرة المُسْتَضْعَفِين و المُسْتَضْعَفَات من بنات و أبناء الشعب الذين يعانون من كوارث فَشَلِكُم في تدبير الشأن العام و مواجهة الفساد و إستكمال تنزيل مكتسبات العهد الدستوري الجديد.
فاسْمَعُوا وَ عُوا .. وإذا وعيتم فانتفعوا !! هذا رد التاريخ و الشعب الذي يُبلغكم رسالة التظلم المكتوبة بدموع الفقراء و الشباب المغبون الذي لم يذق طعم إنجازاتكم الوهمية و التي تَتَبَجَّحُون بِتَباشير حصيلتها السوداء.
إن إتهام أقلام ولاد الشعب بالوشاية لن يستطيع تَجريدنا من حق التمتع بحرية الرأي و التعبير و معارضة أجنداتكم السياسوية وفق ما تؤطره و تسمح به أحكام العهد الدستوري الجديد . بل إن هذا الرُّكام البالي من الإتهامات يدفعنا كشباب حداثي شعبي إلى تَنْبِيهِكُم ، يا زعيم الحزب المُؤَدْلِج للإسلام، إلى ضرورة الكفِّ عن الزَّجِّ بالمؤسسات الدستورية الوطنية في البوليميك الحزبي و الجدل السياسوي ، لأن مقامَكم الدستوري باعتباركم رئيس الحكومة المغربية يفرض عليكم توقير هذه المؤسسات و عدم الإخلال بالاحترام الواجب لها. و لَعَلَّكُم أولُّ من يعلم أن أسلوب العهد الدستوري الجديد لا يعتمد بناء قراراته المؤسساتية على الوشاية المكتوبة أو المسموعة ، بل يرتكز على التشبت بالتأويل الديمقراطي للدستور الذي ضَمِنَ لِحِزبكم رئاسة ولايتين حكوميتين.
نحن – فقط - ندعوكم أيها الزعيم المُتَدَيِّن سياسيًا إلى إعادة الإنصات لكلمة " لَغْزَالْ" عبد العالي حامي الدين لكي تتأكدوا من طبيعة و مضمون ما تَلَفَّظَ به مستشاركم البرلماني ، و حتى تَتَيَقَّنوا بأن ولاد الشعب ليسوا شمَّاعة تعلقون عليها أخطاء مزايداتكم السياسوية الداخلية . كما نَنْصَحُكُم بضرورة التأمل العميق و التَّمعُن العقلاني في المثل الشعبي المغربي الذي يفيد بِأَنَّه : " لاَ تْسَرَّجْ حْتَى تْلَجَّمْ وَعْقَدْ عَقْدَة صْحِيحَة ، وْلاَ تْكَلَّمْ حْتَى تَخَمَّمْ لاَ تْعُودْ عْلِيكْ فْضِيحَة ".
و أَمَلاً في أن يطمئن قلبكم لسلامة نوايا مقالات ولاد الشعب يكفيكم أن تُطالعوا كذلك تصريح رئيس جماعتكم الأم – التوحيد و الإصلاح – ، الذي عَبَّرَ فيه بكل حرية و قال ما يلي : " إن الاختلاف مع جماعة العدل و الإحسان هو اختلاف فقط في قراءة الواقع وتقدير ما ينبغي أن يكون ، وأضاف عبد الرحيم الشيخي في تصريحه لوسائل الإعلام أن أفق الحوار بين حركة التوحيد و الإصلاح وبين جماعة العدل والإحسان ، هو أفق مُبَشِّر، مؤكدا أن الحوار إذا لم يفض إلى إندماج فإنه سيؤدي إلى تَعَاوُن !. كما حَسَمَ رئيس جماعتكم الكهنوتية " التوحيد و الإصلاح " كُلَّ أشكال الجدل بالتأكيد على أن الفصل بين حزب العدالة و التنمية والحركة غير ممكن !
و هذا ما يُؤَكِّد بالبرهان و الدليل أَنَّ مشروع الجماعات المُؤَدْلِجَة للإسلام ، و الذي لا يستطيع تقديم الجواب الكافي الشافي عن السؤال الشعبي حول النموذج الإقتصادي التنموي الديمقراطي . أَنَّ هذا المشروع التمكيني المشبوه هو توجه غير ديمقراطي تَتَبَنَّاهُ و تَعمل على تنفيذ مخططاته هذه التنظيمات التي تستمر في الهروب إلى السماء ، من خلال نهج الإندماج أو التَّعاوُنِ على الإثم و العدوان قصد التمكين لمشروع الهيمنة الإقتحامية ذي الهدف الواحد و الغاية الوحيدة . لاسيما و أن الاختلاف بينها ينحصر - فقط- في القراءة و التقدير ! تبعا لما سبق ذكره في تصريح رئيس جماعة التوحيد و الاصلاح التي أنتم عضو فاعل داخل قيادتها.
و كما أكدنا عليه في مقال سابق ؛ فالتنسيق بين مرتزقة " الإسلام السياسي " يتم بالتوازي على مستويين :
1- زعزعة المؤسسات الدستورية و استنزافها من الداخل عبر حزب العدالة و التنمية ( وجماعته الأم التوحيد و الإصلاح ) الذي فشل في إيجاد السبيل التنموي المنشود مما جعله في مواجهة غضب شعبي.
2- زعزعة المؤسسات الدستورية من خارجها باستعمال ورقة الشارع عبر جماعة " العدل و الإحسان " التي لم تُحَرِّك قَطُّ مسيرات أتباعها للتنديد بالسياسيات اللاشعبية لحزب العدالة والتنمية ؟!.
أَيَا سعد الدين العثماني زعيم الحزب المُؤَدْلِج للإسلام ؛ هل مُرَاد الإندماج أو التعاون بين جماعة التوحيد و الإصلاح - التي تنتمون إليها - و بين جماعة العدل و الإحسان يَتَأَسَّسُ على التأصيل النظري الذي إبتدعه المُسَمَّى قيد حياته عبد السلام ياسين ، و الذي يمكن تلخيصه في الجملة الواردة في كتاب " سنة الله " فقرة القومة : " مَا أَخْذُ مقاليد الحكم إلاَّ لحظة من لحظات “القومة” وخطوة لازمة من خطواتها " ؟!.
*رئيس تيار ولاد الشعب