انتهت المسيرة الوطنية التي دعت لها جماعة العدل و الاحسان أمس الأحد بالرباط، و التي شارك فيها بضعة آلاف قادمين من بعض المدن المغربية، لكن الأمر اختلط على المواطن المغربي حول أسباب تنظيمها، و الهدف الحقيقي المتوخى منها.
ووفقا لبلاغات الجماعة، فيتامى عبد السلام ياسين دعوا الى هذه المسيرة للتنديد بالأحكام التي صدرت في حق معتقلي حراك الريف، و هي احكام يعتبرونها قاسية و يطالبون بإلغائها.
اما المسيرة التي أُريد لها أن تكون وطنية و حاشدة، و التي تم التحضير لها بعناية فائقة،فرغم التعبئة الكبيرة كانت هزيلة من حيث عدد المشاركين الذين لم يتجاوزوا ما بين 8.000 و 12.000 شخصا حسب معظم التقديرات والارقام الصارة عن هاته الجهة او تلك.
فالمغاربة لم يستحيبوا لنداء جماعة العدل و الإحسان لأسباب متعددة و مختلفة، من بينها سعي جهات كثيرة للركوب عليها، لأهداف لا علاقة لها بحراك الريف.
فهناك أولا عائلة و بعض أصدقاء توفيق بوعشرين، المتابع بتهم الاغتصاب، الذين حاولوا استغلال المسيرة للضغط على القضاء بخصوص قضية هي في طور البث واجراء الخبرة.
وفي هذا الاطار، فالصحافية حنان باكور المتورطة بوجود علاقة جنسية رضائية مع رئيسها موثقة على أشرطة فيديو، رأت في مسيرة الرباط انتصارا للشعب الذي قال كلمته في هذا الملف، و عبر عن مساندته لرئيسها ومالك الموقع الالكتروني الذي تشتغل به، وهو نفس الموقع الذي استفاد مؤخرا من صفقة المانية للتكوين والدعم التقني.
فإذا كان الشعب المغربي بملايين اعداده لا يمثل عند باكور سوى ما بين 8.000 و 12.000 شخصا، فهذا يعني ان هذه الصحافية المهتمة باناقتها ونشر صورها عبر الانترنيت، لا تعترف ب 35 مليون مغربي الذين لم يبالوا بنداء جماعة العدل و الاحسان؟
ولعل حضور عائلة بوعشرين إلى جانب العدل و الاحسان في مسيرة الرباط يعتبر موقفا مساندا لهذه الأخيرة للاغتصاب و للجرائم الجنسية ضد المرأة، تنافيا مع الأخلاق و مبادئ الاسلام وضدا عن القانون وعن احترام استقلالية القضاء الذي يبت حاليا في قضية رفضت فيها الضحايا تحويل الممارسة الصحفية الى ممارسة جنسية داخل مكاتب التحرير.
اما اولئك الذين ينتمون الى ما يسمى اليسار المغربي المتطرف، فهاهم بعد اسبوع فقط من فشلهم الدريع في تنظيم مسيرة مماثلة بالدار البيضاء، يحتمون بجماعة عبد السلام ياسين، ويشاركون بدون دعوة في مسيرة الرباط لغاية في نفس يعقوب هم أدرى بها.
فجماعة اليساريين هذه تلهث وراء كل من يسير عكس التيار. بل إن كل ما من شأنه أن ينال من الدولة و الحكومة و المؤسسات يعتبر بضاعة صالحة لنبيلة منيب و خديجة الرياضي و المعطي منجب و كل التجار الجدد لحقوق الانسان، وهنا لا يهم إن كان الامر يتعلق بجرادة أو الحسيمة أو الزفزافي او بوعشرين او المهداوي، فالمهم لديهم هو جلد الدولة و بعث التقارير للممولين الأجانب.
سبب آخر يفسر عدم استجابة المواطنين لنداء جماعة العدل و الاحسان، وهو انشطة ناصر الزفزافي و خطاباته التي توثقها عشرات الفيديوهات المنشورة على اليوتوب، و التي يعبر فيها عن أفكار و شعارات انفصالية و عنصرية، لا يقبلها المغاربة من قبيل “الإستعمار الإسباني أرحم من استعمار العروبية” التي رددها الزفزافي أمام عدسات الكاميرات باللغة العربية و باللهجة الريفية.
أما أعمال الشغب و العنف ضد القوات العمومية، و الاعتداءات على الممتلكات الخاصة و العمومية التي رافقت تظاهرات الريف، و التي تم بثها كذلك على اليوتوب، تؤكد بدورها أن هذه التظاهرات لم تكن سلمية كما تدعي جماعة يتامى عبد السلام ياسين، ولذا فهاهم المغاربة من جديد يعبرون عن رفضهم لها.
من جهة أخرى، فان بعض متتبعي الشأن السياسي المغربي اعتبروا أن تنظيم جماعة العدل و الاحسان لمسيرة الرباط، هو مجرد عملية سياسوية تهدف الى استعراض العضلات أمام النظام، و تقييم ميزان القوة في أفق حوار مستقبلي أكثر منه دفاعا عن معتقلي الريف.
هكذا إذن خسرت الجماعة رهان التموقع عبر الشارع كقوة سياسية بديلة عن حزب العدالة و التنمية الذي يعيش بداية أزمة تندر بمستقبل غامض.