"في ضوء متابعته لمعظم الآراء و المواقف و البلاغات، و كذا التصريحات الصادرة عن مجموعة من الجهات و المنظمات المحسوبة على الفعل الحقوقي و السياسي و غيره، حيال الأحكام القضائية الصادرة في حق معتقلي أحداث الحسيمة، و التي تراوحت بحسب منطوق الأحكام ما بين عشرون سنة سجنا نافذة و ثلاث سنوات حبسا نافذة في حق المتهمين؛ قرر المركز المغربي للأبحاث و الدراسات الإستراتيجية كآلية للرصد و التتبع و التقييم البحثي والعلمي، إبداء الرأي و الموقف الذي يتماهى مع فلسفته العلمية و الأكاديمية بعيدا عن مجاراة العواطف و الميولات الحزبية و الحقوقية و غيرها، ليخلص إلى المحددات الأساسية المنتهية إلى تفكيك شفرات المتحصل عليه في هذه النازلة بأثر موضوعي ماثل لمنطق الحكمة و العقل.". كان هذا ما استهل به المركز بلاغه الذي ضمنه 7 إشارات وصفها بالمحددات الأساسية ذات الصلة، وعلى رأسها ضرورة احترام الأحكام القضائية، انسجاما مع مبدأ الإحترام الواجب لهيبة و مكانة القضاء. وفيما يلي تتمة البلاغ:
"وعليه فإن المركز المغربي للأبحاث و الدراسات الإستراتيجية، يسجل ببالغ الأسف أن الهرج و المرج الذي رافق منطوق الأحكام القضائية ضد معتقلي الأحداث الإجرامية بالحسيمة بحسب تعبير سلطة النيابة العامة في تعاطيها مع ملفات النازلة، أن يعدو كونه قراءة سطحية موغلة في السفسطائية الفاقدة لكنه المثن القانوني و القضائي لمسارات الأفعال الإجرامية التي ارتكبت أثناء مراحل الحراك الإجتماعي أو التي تقع بالإستناد إلى مضامين التكيف القضائي و القانوني لسلطة النيابة، باعتبارها ممثل الحق العام و سلطة اتهام، تحت طائلة المتابعة الجنائية المنصوص عليها و على عقوباتها في مقتضيات المسطرة الجنائية. بل ثمة بعض أراء و تصريحات لبعض المحسوبين على الصف الحقوقي و السياسي، كانت تروم من حيث القصد إلى المس بهيبة و استقلالية القضاء برمته كسلطة مستقلة أقرها دستور الأمة لسنة 2011. وذلك من خلال استهداف هيئة المحكمة التي أوكلت لها مهمة النظر و البث في الملف، دون العودة إلى ما تضمنته محاضر الشرطة و النيابة العامة صاحبة الإختصاص، في الدفاع عن الأشخاص و الممتلكات و مؤسسات الدولة، من أفعال إجرامية خطيرة صنفت في خانة الطابع الجنائي البالغ الخطورة من قبيل إضرام النار في مؤسسة أمنية و الإعتداء على رجال الشرطة و إلحاق خسائر مادية كبيرة في الممتلكات، و العمل على عرقلة السير العادي لمؤسسات البلاد و المس بسالمة و أمن الدولة و غيرها من الأفعال الجنائية التي يعاقب عليها القانون.
وتأسيسا على ذلك، يؤكد المركز المغربي للأبحاث و الدراسات الإستراتيجية على المحددات الأساسية ذات الصلة:
1 - يؤكد المركز على ضرورة احترام الأحكام القضائية، انسجاما مع مبدأ الإحترام الواجب لهيبة و مكانة القضاء باعتباره سلطة مستقلة مهمته حماية المواطن و الوطن و حماية القانون، و منع التجاوزات و الفوضى و حماية الحقوق بكل تفرعاتها
2 - يشدد المركز على إلزامية دعم و إسناد مؤسسة القضاء كسلطة قائمة و في مقدمتها مؤسسة النيابة العامة باعتبارها تقابلية لسلطة القضاء أوكل لها دستور 2011 مهمة السهر على تنفيذ السياسة الجنائية التي شرعها و يشرعها البرلمان صاحب الإختصاص في وضع استراتيحية السياسة الجنائية العامة
3 - يؤكد المركز على ضرورة الإسهام في إنجاح تجربة التمرين القضائي والقانوني لمؤسسة النيابة العامة بما يكفل التوازن القضائي و حماية دولة الحق و القانون.
4 - يرفض المركز بشكل مطلق الدوافع و المسببات الرامية إلى تسييس الأحكام القضائية وتبخيس مهام و صلاحيات النيابة العامة، والإبتعاد عن خندقة سلطة القضاء في خانة الحسابات السياسوية ذات القراءات السطحية لمقررات الأحكام القضائية.
5 - رفض المزايدات الحقوقية، بخاصة تلك الرامية إلى تبخيس الأحكام القضائية والتوظيف الحقوقي غير البريء بغرض المس بهيبة القضاء.
6 - رفض أي شكل من أشكال التطاول على قدسية القضاء و المس بكرامة وشخص القضاة سواء منه الجالس أو قضاة النيابة العامة.
7 - يدين المركز و بقوة التهجم غير المبرر و غير المفهوم على هيئة القضاء التي بثت في ملف أحداث الحسيمة دون الإطلاع على حيثيات الملف و الإمام بكل تفاصيله، من طرف بعض المحسوبين على المنظمات الحقوقية و السياسية و غيرها؛ في اعتمادها على قلب الحقائق و محاولة إضفاء طابع الشرعية على الأفعال الإجرامية التي عرفتها مدينة الحسيمة بحسب مقتضيات القانون الجنائي التي أقرته سلطة النيابة العامة من منطلق قناعاتها القانونية و القضائية في مؤاخذة المتهمين.
د.طارق أتلاتي، رئيس المركز المغربي للأبحاث و الدراسات الإستراتيجية.".