هذه مقالاتٌ لم أُرِدْ بها للإثارة، وإنّما أهدفُ بها إلى تزويد القارئ بمعلومات حول منظّمات هدّامة تقبع في عقر دارنا ولا نعرفها وهي الأصل في بروز خونة، وعملاء لها وخدّام، لهم بشرَتُنا، لكن قلوبهم غُلْف، يحقدون على الوطن، وعلى الملَكية، وعلى الشّعب من أحزاب، وجمعيات، ومنظّمات خدّاعة، تتخفّى وراء ألوان تُسبّب العمى، والجهل بحقيقة أمرها، وهي الأصل في تخلّفِ البلاد، وتعثّرِ سير التقدّم، وظهور بوادر فساد سياسي وأخلاقي واجتماعي في الأمّة.. بعد موت [هاريس] سنة (1943)، بعد أنِ امتدّت حركة [الرُّوتاري] إلى (80) دولة، وأصبح لها (6800) نادٍ يضمّ (327000) عضو، انتقلتِ الحركةُ إلى (دبْلَن) بـ[إيرلاندا] سنة (1911)، ثم انتشرت في (بريطانيا) بفضل نشاط [مسْتر مورو] الذي كان يتقاضى عمولةَ كلِّ عضوٍ جديد.. تأسّس نادي [الرُّوتاري] في (مدريد) سنة (1921)، ثم أُغْلِق، ولم يُسْمَحْ بمعاودة النشاط في (إسبانيا والسويد)..
لا تدوِّن [الرُّوتاري] الدولية اسمَ [فلسطين] في سجلاّتها، بل تذْكُر صراحةً اسمَ [إسرائيل]، ومن المعلوم أنّ [مصر وفلسطين] الدولتين الأولييْن في العالم العربي والإسلامي اللتين تأسَّس فيهما أوّلُ نادٍ لـ(الرُّوتاري)، وذلك في سنة (1929) أي [(نادي القاهرة في 02 يناير 1929)، و(نادي أورْشليم) في سنة (1929)] أيضا؛ كما أنّهما أكثر عددًا: (مصر أكثر من عشرين ناديًا؛ وفلسطين أكثر من أربعين ناديًا)؛ وقد ارتبطت [الرُّوتاري] في الوطن العربي بثلاث ظواهر: بالاستعمار في نشأته، وغالبية أعضائه.. بالطبقات الأرستقراطية وذوي النفوذ والمال.. بنشاط شامل عام لجميع العالم العربي بصورة مباشرة أو غير مباشرة.. في الثلاثينيات، تم تأسيس فروع لـ[الرُّوتاري] في (الجزائر والمغرب) برعاية الاستعمار الفرنسي.. يوجد في (طرابلس الغرب) فرعٌ للرّوتاري، ومن أعضاء مجلس الإدارة، فيه [المسْتَر جون، وروبِنْسون فون كريج].
[يعقوب بارزيف] رئيس [الرُّوتاري] في [إسرائيل] سنة (1974) غادر [إسرائيل] في (14 مارس 1974) إلى مدينة (تاوَرْسينا) في [صِقلّية]، لحضور المؤتمر الذي ينظمه نادي [الرُّوتاري] الإيطالي، وادّعى أنه سيكون مؤتمرًا عربيًا إسرائيليًا، لاشتراك وفود عدد من الدول العربية مع وفد إسرائيلي.. كان أول المتحدّثين [مختار عزيز]، ممثّلُ نادي [الرُّوتاري] التونسي؛ ثم تكلّم بعده [يعقوب بارزيف] الصّهيوني.. فلا غرابة إذا فوجِئْنا كل مرة، بمغربي أو مغربية، يزور أو تزور [إسرائيل]؛ لكنْ هل يوجد في بلادنا نادٍ لـ[الرُّوتاري]؟ الجواب: بكل تأكيد! ولماذا نصوغ بعد بحث مُضْنٍ، ومجهود متعب، كلّ هذه المقالات، حتى يعرف القارئُ المخاطرَ التي تحيق ببلده، والتي تنبع من تربة بلده.. هناك في بلادنا أكثر من (13) ناديًا عبر ربوع الوطن، يرتادها من يسمَّون كذبًا بالمثقفين، والمتحزّبين، وبعضُ الصحافيين، ورجالُ المال والأعمال، وتقام محاضراتٌ، تحمل شعارات مضلّلة كالاختلاف، وتقبّل الآخر، وحوار الأديان، وحقوق المرأة والطفل؛ ومؤتمرات وندوات حول الحريات، وحقوق الأقلّيات، وقِسْ على ذلك من الخُدع، والنوايا السيئة، والأهداف الهدّامة المرجوة منها..
أعتقد أن القارئ اليقظ، قد أدرك عدة أشياء، وتذكّر عدّة أحداث، وانفضح سِرُّ عدة أسماء، تتخفّى وراء حقوق الإنسان، بدعوى الديموقراطية، وممارسة الحرية، واحترام الاختلاف، والتعددية، مع التفتح وتقبُّل أفكار الآخر، وإن كانت تنطوي على سوء نية، وتستبطن شرّا للدولة، وللمجتمع، وللأمة بأسرها؛ ثم لماذا يكون الدّينُ، والقيمُ، والأخلاقُ، المستهدَف الرئيسي لهذه الندوات والمؤتمرات؟ لقد قال مفكرٌ عربيٌ راحِل: كم من الجبناء والخونة، تولّوا أمورَنا باسمكِ أيتها الديموقراطية الداعرة! كم باسمكِ تكرّستْ عدةُ مناكر ومفاسد أيتها الحرية الفاجرة!