يوجد توافقٌ كاملٌ وكبير، بل مثيرٌ إلى أقصى الحدود بين (الماسونية والروتاري) في مسائل (الدين، والوطن، والسياسة)؛ وفي اعتمادهما على مبدإ (الاختيار)؛ فالعضو لا يمكنه أن يتقدم بنفسه للانتساب، بل ينتظر حتى ترسَل إليه بطاقةُ دعوة العضوية.. القيم، والروح اللتان يُصْبَغُ بهما الأفرادُ واحدة سواء في الماسونية أو في الروتاري، مثْل فكرة المساواة، والإخاء، والروح الإنسانية، والتعاون العالمي.. وهذه الروح خطيرة، تهدف إلى إذابة الفوارق بين الأمم، وتفتيت جميع أنواع الولاءات، حتى يصبح الناسُ أفرادًا ضائعين، تائهين، ولا تبقى قوة متماسكة إلا [آل صهيون] عبر العالم، وهذا ما نلاحظه، حيث تشتّت الأمّة العربية والإسلامية، وتمزّقت الشعوب، وتماسكت، بل أصبحت [إسرائيل] قويةً، وموحّدة، رغم تنوُّع جنسيات، وأعراق مواطني دولة الكيان الصهيوني الغاصب؛ وما هي إلا البداية لعصور كئيبة..
[الرُّوتاري] وما تمثّله من النوادي تعمل في نطاق المخطّطات الصهيونية، من خلال سيطرة [الماسون] عليها، الذين هم بدورهم مرتبطون بالصهيونية العالمية نظريًا وعمليا، ورصيد هذه المنظمات، ونشاطاتها يعود على الصهاينة أخيرا.. تختلف [الماسونية] عن [الرُّوتاري] في أنّ قيادةَ [الماسونية] ورأسَها مجهولان على عكس [الروتاري] التي يمكن معرفة أصولها ومؤسسيها؛ ولكنْ لا يجوز تأسيس أي فروع لـ[الروتاري] إلا بتوثيق من رئاسة المنظمة الدولية، وتحت إشراف مكتب سابق.. تتظاهر [الروتاري] بالعمل الإنساني، من أجل تحسين الصلات بين الطوائف؛ وتتظاهر بأنها تحصُر نشاطَها في المسائل الاجتماعية والثقافية، وتحقق أهدافَها عن طريق الحفلات الدورية، والمحاضرات، والندوات، التي تدعو إلى التقارب بين الأديان، والأقلّيات، وإلغاء الخلافات الدينية..
أما الغرض الحقيقي، فهو تمازُج الصهاينة بالشعوب، باسم الوُدّ والإخاء، وعن طريق ذلك، يصلون إلى جمْع معلومات، تساعدهم في تحقيق أغراضهم الاقتصادية، والسياسية، وتساعدهم على نشْر عادات معيّنة تعين على التفسّخ الاجتماعي كإشاعة الزنا بدعوى حرية المرأة، وإفشاء الشذوذ كحرية شخصية، وقسْ على ذلك، مما يسبب خرابَ، ودمارَ المجتمع، وانحلاله، وفساده بوجه عام؛ وهذا ما كانت تهدف إليه (ندوة 22 و23 يونيو) التي ألغيتْ فجأة.. والعضوية في [الروتاري] لا تُمنَح إلا للشخصيات البارزة، كالوزراء، وزعماء الأحزاب، ورجال المال والأعمال، والكتّاب المشهورين، وصحافيين معروفين بقلة حيائهم، ومخرجي أفلام الخلاعة، وأشرطة التفسّخ والدناءة، ومغنّين تدغدغ أغانيهم بلا حياء غرائزَ الناس الحيوانية، والجنسية..
لكنْ ما هي أفكار ومعتقدات [الرّوتاري] التي عقدت مؤتمرَها الأخير في بلادنا يوم (28 مارس 2018)، وتفضّلتِ التلفزةُ المحترمة بنقل أخباره، واستجواب أفراد من المشاركين فيه، وكان أولُهم الرئيس نفسُه؟ من أهم أفكار [الرّوتاري]، عدمُ اعتبار الدّين، والأخلاق، والقيم، مسألةً ذات قيمة، وهذا يُعْتَمد حتى في اختيار الأعضاء، ولا يجب اعتبارُ أية مسألة تهمّ المجتمع في قوته، وفي حياته اليومية، يدور حولها حديثُ الناس في الشارع.. فإسقاط الدّين، يوفّر الحمايةَ للأعضاء النشيطين في المجتمع، ويجعلهم يعبّرون بحرية، فلا تعود هناك أشياء محظورة، بعدما يسقط الدّينُ، وتنحلّ القيم.. لا يجوز قبول أكثر من عضو عامل واحد في تصنيف من تصنيفات الأعمال والمهن، باستثناء تصنيفات الأديان، ووسائل الإعلام، وشركات الإشهار، والسلك الديبلوماسي، والمسؤولين الكبار، وزعماء الأحزاب، ورؤساء الجمعيات، ومع مراعاة اللائحة الداخلية الخاصّة بالأعضاء العاملين الإضافيين..
من مبادئها أيضا كراهيةُ الوطن، وتفتيتُ الولاءات، كالولاء للملك مثلا وللدّين، وللتراب الوطني؛ فالولاء لـ[الرّوتاري] هو أرقى، وأسمى من الولاء لملك، أو لدين، أو لوطن، وإلاّ فشل العضوُ في عمله، ولن يبلغ الأهدافَ التي تتوخّاها منه المنظّمة.. فـ[الرّوتاريون] يستهدفون القضاءَ على المعالم الثقافية، والدينية المتميزة، لإيجاد بيئة واحدة، تعمُّها الأفكارُ، والمبادئ الروتارية؛ فلا يعود الناسُ يسمعون علماءَ دين، ولا يعملون بوعظ مساجد، بل همُّهم الاهتمام بالجنس، وملذّات الحياة، والشّهوات، وممارستها بمعزل عن القيم، والأخلاق، مع التحدث فيها دون خوف، ودون وخْز ضمير بعدما صاروا دوابّا.