محمد البودالي.
أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أحكاما قضائية مختلفة في حق معتقلي أحداث الحسيمة.
وإذا كانت العدالة، في مرحلتها الابتدائية، قد قضت بما استقرت عليه قناعتها بناء على الوثائق والحجج المتوفرة في مواجهة المتهمين، وبناء على الشهادات الطبية المقدمة من المئات من الضحايا الذين سقطوا في صفوف القوات العمومية، من أمن وطني ودرك ملكي وقوات مساعدة ورجال وعناصر سلطة وغيرهم، ومحاضر تثبت وقوع جرائم إضرام نار في منشآت عمومية، وتخريب وإحراق سيارات في ملك الدولة والخواص، فإن البعض أبى إلا المغالاة في انتقاد أحكام قضائية صادرة عن سلطة قضائية مستقلة، رغم ثبوت التهم المنسوبة إلى الأظناء، بالحجة والدليل، والصوت والصورة.
لن نعلق على الأحكام التي أصدرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يوم أمس، ولا ما إذا كانت ملائمة وخطورة الأفعال المرتكبة أم لا، ولكن من حقنا جميعا أن نتساءل مع المتهمين وعائلاتهم وكل من يتعاطف معهم، عما إذا كان "الإفراج الفوري" الذي ينادون به، هو مطلب مقبول ومعقول لدى أي دولة بالعالم، مهما بلغت درجات ديمقراطيتها، إذا وقع في إحدى مدنها ما وقع بمنطقة الريف، وإذا تعرض المئات من موظفيها في أجهزة الأمن والسلطة لاعتداءات جسيمة مثل هذه؟
وهل يمكن لفرنسا أو ألمانيا أو أمريكا أن تسكت عن جرائم تخريب ممتلكات عمومية وخاصة، وعن إلحاق أعطاب أبدية بالمئات من رجال أمنها ودركها وقوات تدخلها؟
وعلى العموم، فإن الأحكام الصادرة يوم أمس تبقى مجرد أحكام ابتدائية، وما تزال أمام المعتقلين ومن يساندهم، مرحلة الاستئناف، حيث ستعرض ملفاتهم على قضاة آخرين غير قضاة الحكم الابتدائي، وستتم دراسة الأحكام الابتدائية وموازنتها والأفعال المرتكبة.
وحتى بعد الاستئناف، فقد منح المشرع المغربي لهؤلاء حق النقض أمام الجهة القضائية المختصة.
لكن هذا لا يجب أن يُنسينا فداحة الأفعال المرتكبة من طرف هؤلاء الأفراد، ولا المئات من الضحايا الذين أصيبوا إصابات خطيرة وبعضهم لا يزال يعاني من مضاعفات الاعتداءات إلى اليوم، فيما انتهى المطاف بآخرين من عناصر القوة العمومية، إلى الجلوس على كراسي المقعدين، أو المعاناة مع عاهات مستديمة تعرضوا لها خلال الاعتداءات الإجرامية المنظمة في أحداث الريف السنة الماضية.
وفي ما يلي، بعض من المشاهد التي تبرز خطورة ما تم ارتكابه: